كتاب نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (اسم الجزء: 2)

وَلَوْ كَانَتْ السُّتْرَةُ آدَمِيًّا أَوْ بَهِيمَةً أَوْ امْرَأَةً وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ الِاشْتِغَالِ مَا يُنَافِي خُشُوعَهُ فَقِيلَ يَكْفِي، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ نُفُورًا أَوْ امْرَأَةً يَشْتَغِلُ قَلْبُهُ بِهَا لَمْ يُعْتَدَّ بِتِلْكَ السُّتْرَةِ عَلَى مَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ لِكَرَاهَةِ الصَّلَاةِ إلَيْهَا حِينَئِذٍ. قَالَ: وَمِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ أَيْضًا مَا لَوْ صَلَّى بَصِيرٌ إلَى شَاخِصٍ مُزَوَّقٍ، هَذَا وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِالسُّتْرَةِ بِالْآدَمِيِّ وَنَحْوِهِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي أَنَّ بَعْضَ الصُّفُوفِ لَا يَكُونُ سُتْرَةً لِبَعْضٍ آخَرَ. وَالثَّانِي لَا يَحْرُمُ بَلْ يُكْرَهُ.

وَلَوْ اسْتَتَرَ بِسُتْرَةٍ فِي مَكَان مَغْصُوبٍ لَمْ يَحْرُمْ الْمُرُورُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَلَمْ يُكْرَهْ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَسَوَاءٌ فِي حُرْمَةِ الْمُرُورِ مَعَ السُّتْرَةِ أَوَجَدَ الْمَارُّ سَبِيلًا غَيْرَهُ أَمْ لَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ. نَعَمْ قَدْ يُضْطَرُّ الْمَارُّ إلَى الْمُرُورِ بِحَيْثُ يَلْزَمُهُ الْمُبَادَرَةُ لِأَسْبَابٍ لَا تَخْفَى
ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي السُّتْرَةِ أَنَّهُ لَوْ قِيلَ بِاعْتِقَادِ الْمُصَلِّي فِي جَوَازِ الدَّفْعِ وَفِي تَحْرِيمِ الْمُرُورِ بِاعْتِقَادِ الْمَارِّ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا فَهَلَّا قَالَ بِمِثْلِهِ هُنَا.

(قَوْلُهُ: أَوْ امْرَأَةً) ذَكَرَهَا بَعْدَ الْآدَمِيِّ مِنْ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ، وَالنُّكْتَةُ فِي ذِكْرِهَا أَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ مَظِنَّةً لِلِاشْتِغَالِ بِهَا رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِهَا مُطْلَقًا عَلَى هَذَا (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ ذَلِكَ) أَيْ فِي عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِهِ (قَوْلُهُ: يَظْهَرُ أَيْضًا إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: إلَى شَاخِصٍ مُزَوَّقٍ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ كَانَ الشَّاخِصُ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَسْجِدِ وَخَلَا مِنْ أَسْفَلِ الشَّاخِصِ عَنْ التَّزْوِيقِ مَا يُسَاوِي السُّتْرَةَ وَيَزِيدُ عَلَيْهَا فَيَنْتَقِلُ عَنْهُ وَلَوْ إلَى الْخَطِّ حَيْثُ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ، فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ بِمِصْرِنَا فِي مَسَاجِدِهَا كَثِيرًا (قَوْلُهُ: بِالْآدَمِيِّ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِالْآدَمِيِّ بَيْنَ كَوْنِ ظَهْرِهِ لِلْمُصَلِّي أَوْ لَا كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِالصُّفُوفِ فَإِنَّ ظُهُورَهُمْ إلَيْهِ، وَلَكِنْ قَالَ حَجّ عَطْفًا عَلَى مَا لَا يَكْفِي فِي السُّتْرَةِ: أَوْ بِرَجُلٍ اسْتَقْبَلَهُ بِوَجْهِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ سُتْرَةٌ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُ) أَيْ مَا فِي مَعْنَاهُ كَالدَّابَّةِ، وَلَيْسَ مِنْهُ مَا فِيهِ صُوَرٌ، وَإِنْ كُرِهَتْ الصَّلَاةُ لَهُ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَعِبَارَتُهُ: فَرْعٌ: رَضِيَ عَلَى أَنَّهُ لَوْ اسْتَتَرَ بِجِدَارٍ عَلَيْهِ تَصَاوِيرُ اُعْتُدَّ بِهِ وَحَرُمَ الْمُرُورُ وَجَازَ الدَّفْعُ وَإِنْ كُرِهَ اسْتِقْبَالُهُ لِمَعْنًى آخَرَ، وَكَذَا لَوْ اسْتَتَرَ بِآدَمِيٍّ مُسْتَقْبِلٍ لَهُ، وَإِنْ كُرِهَ لِمَعْنًى آخَرَ. اهـ. وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ إلَى شَاخِصٍ مُزَوَّقٍ وَلِمَا اسْتَوْجَبَهُ مِنْ عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِالسَّتْرِ بِالْآدَمِيِّ (قَوْلُهُ: لَا يَكُونُ سُتْرَةً) لِبَعْضٍ آخَرَ، وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ حَجّ فَاكْتَفَى بِالصُّفُوفِ.

(قَوْلُهُ: فِي مَكَان مَغْصُوبٍ) أَيْ، وَإِنْ وَقَفَ فِي مَكَان مَمْلُوكٍ لَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ، وَلَوْ قِيلَ بِحُرْمَةِ الْمُرُورِ لَمْ يَبْعُدْ لِكَوْنِ الْمَكَانِ مُسْتَحِقًّا لِلْوَاقِفِ. وَالتَّعَدِّي إنَّمَا هُوَ بِمُجَرَّدِ وَضْعِ السُّتْرَةِ وَقَوْلُهُ فِي مَكَان مَغْصُوبٍ صِفَةٌ لِلسُّتْرَةِ؛ وَكَذَا لَوْ صَلَّى إلَى سُتْرَةٍ مَغْصُوبَةٍ. اهـ حَجّ، وَأَقَرَّهُ سم عَلَيْهِ وَبَالَغَ فِي اعْتِمَادِهِ، وَهُوَ قَرِيبٌ، وَقَوْلُ حَجّ مَغْصُوبَةٍ: أَيْ فَلَا يَحْرُمُ الْمُرُورُ لَكِنْ عِبَارَتُهُ عَلَى مَنْهَجٍ نَصُّهَا: قَوْلُهُ: وَحَرُمَ مُرُورٌ: أَيْ، وَإِنْ كَانَتْ السُّتْرَةُ مَغْصُوبَةً؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ لِأَمْرٍ خَارِجٍ م ر فَحَرِّرْ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ فِي الْمَكَانِ الْمَغْصُوبِ مَعَ السُّتْرَةِ اهـ. أَقُولُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْحَقَّ الْمُتَعَلِّقَ بِالْمَكَانِ أَقْوَى مِنْ الْحَقِّ الْمُتَعَلِّقِ بِالسُّتْرَةِ، فَإِنَّ الْمُصَلِّيَ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْمَكَانِ الْمَغْصُوبِ حَتَّى تَكُونَ السُّتْرَةُ مَانِعَةً لِغَيْرِهِ مِنْ الْمُرُورِ فِيهِ، فَاعْتِبَارُهَا يَقْطَعُ حَقَّ الْمَالِكِ مِنْ مَكَانِهِ، بِخِلَافِ السُّتْرَةِ الْمَغْصُوبَةِ فَإِنَّ الْحَقَّ لِمَالِكِهَا إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِعَيْنِهَا فَأَمْكَنَ اعْتِبَارُهَا عَلَامَةً عَلَى كَوْنِ مَحَلِّهَا مُعْتَبَرًا مِنْ حَرِيمِ الْمُصَلِّي، وَبَقِيَ مَا لَوْ صَلَّى فِي مَكَان مَغْصُوبٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQكَانَ الْمُصَلِّي شَافِعِيًّا افْتَصَدَ فَلَا يَحْرُمُ عَلَى الْحَنَفِيِّ الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْهِ إلَّا إنْ كَانَتْ الْحُرْمَةُ مَذْهَبَهُ؛ لِأَنَّا لَا نَحْكُمُ عَلَيْهِ بِحُرْمَةٍ لَمْ يَرَهَا مُقَلَّدُهُ، ثُمَّ رَأَيْت الشِّهَابَ حَجّ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَقِيَاسُهُ أَنَّ مَنْ اسْتَتَرَ بِسُتْرَةٍ يَرَاهَا مُقَلَّدُهُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: عَلَى مَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ) هُوَ الشِّهَابُ حَجّ فِي الْإِمْدَادِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ السُّتْرَةِ بِالْآدَمِيِّ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْتَقْبِلْهُ كَمَا شَمِلَهُ الْإِطْلَاقُ، فَإِنْ اسْتَقْبَلَهُ كَانَ مَكْرُوهًا كَمَا يَأْتِي.

(قَوْلُهُ: فِي مَكَان مَغْصُوبٍ) حَالٌ مِنْ فَاعِلِ اسْتَتَرَ كَمَا هُوَ صَرِيحُ فَتَاوَى وَالِدِهِ، خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ جَعْلِهِ صِفَةً لِلسُّتْرَةِ. وَعِبَارَةُ الْفَتَاوَى: سُئِلَ عَمَّنْ صَلَّى بِمَكَانٍ مَغْصُوبٍ إلَى سُتْرَةٍ هَلْ يَحْرُمُ الْمُرُورُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ الْمُرُورُ بَلْ وَلَا يُكْرَهُ انْتَهَتْ. وَهُوَ

الصفحة 55