كتاب نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (اسم الجزء: 2)

أَوْ سُجُودٍ (سَجَدَ) لِسَهْوِهِ «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، هَذَا (إنْ لَمْ تَبْطُلْ) الصَّلَاةُ (بِسَهْوِهِ) فَإِنْ بَطَلَتْ بِسَهْوِهِ (كَكَلَامٍ كَثِيرٍ) فَإِنَّهُ يُبْطِلُهَا (فِي الْأَصَحِّ) كَمَا مَرَّ فَلَا يَسْجُدُ لِعَدَمِ كَوْنِهِ فِي صَلَاةٍ فَفِي الْأَصَحِّ رَاجِعٌ لِلْمِثَالِ، وَهُوَ الْكَلَامُ الْكَثِيرُ لَا الْحُكْمُ، وَهُوَ قَوْلُهُ سَجَدَ، فَلَوْ سَكَتَ عَنْ الْمِثَالِ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَبْعَدَ عَنْ الْإِيهَامِ إذْ لَا سُجُودَ مَعَ الْحُكْمِ بِالْبُطْلَانِ.
وَاسْتُثْنِيَ مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَا لَوْ سَجَدَ لِلسَّهْوِ ثُمَّ سَهَا قَبْلَ سَلَامِهِ فَإِنَّهُ لَا يَسْجُدُ فِي الْأَصَحِّ، فَلَوْ سَجَدَ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ أَوْ سَهْوًا فَلَا، وَمَا لَوْ حَوَّلَ الْمُتَنَفِّلُ دَابَّتَهُ عَنْ صَوْبِ مَقْصِدِهِ سَهْوًا ثُمَّ عَادَ فَوْرًا فَإِنَّهُ لَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ عَلَى مَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ. وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا مَرَّ فِي فَصْلِ الِاسْتِقْبَالِ أَنَّهُ يَسْجُدُ لَهُ، وَصَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحِهِ الصَّغِيرِ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ. وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّهُ الْقِيَاسُ، وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

(وَتَطْوِيلُ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ) عَمْدًا بِسُكُوتٍ أَوْ ذِكْرٍ أَوْ قُرْآنٍ لَمْ يُشْرَعْ فِيهِ (يُبْطِلُ عَمْدُهُ) الصَّلَاةَ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ تَطْوِيلَهُ تَغْيِيرٌ لِمَوْضُوعِهِ كَمَا لَوْ قَصَرَ الطَّوِيلَ بِعَدَمِ إتْمَامِ الْوَاجِبِ؛ وَلِأَنَّ تَطْوِيلَهُ يُخِلُّ بِالْمُوَالَاةِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ (فَيَسْجُدُ لِسَهْوِهِ) وَالثَّانِي لَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ لِحَدِيثٍ وَرَدَ فِيهِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَمِقْدَارُ التَّطْوِيلِ الْمُبْطِلِ كَمَا نَقَلَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ عَنْ الْأَصْحَابِ. وَكَلَامُ الشَّيْخَيْنِ قَدْ يَدُلُّ عَلَيْهِ أَنْ يُلْحَقَ الِاعْتِدَالُ بِالْقِيَامِ، وَالْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ بِالْجُلُوسِ لِلتَّشَهُّدِ، وَمُرَادُهُ كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ قِرَاءَةُ الْوَاجِبِ وَهُوَ الْفَاتِحَةُ، وَأَقَلُّ التَّشَهُّدِ: أَيْ بَعْدَ مُضِيِّ قَدِّ ذِكْرِ كُلِّ
ـــــــــــــــــــــــــــــSشَارِحًا فَهِمَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَأَجَابَ عَنْهُ بِمَا لَا يُلَاقِي مَا نَحْنُ فِيهِ اهـ. (قَوْلُهُ: سَجَدَ) أَيْ غَالِبًا أَيْضًا لِمَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ سَهَا فِي سُجُودِ السَّهْوِ أَوْ نَفْلِ السَّفَرِ (قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ) وَهِيَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَالثَّانِي إنْ لَمْ يَبْطُلْ إلَخْ (قَوْلُهُ: ثُمَّ سَهَا) أَيْ بِأَنْ تَكَلَّمَ نَاسِيًا مَثَلًا (قَوْلُهُ: قَبْلَ سَلَامِهِ) أَيْ أَوْ فِي السُّجُودِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا مَرَّ فِي فَصْلِ الِاسْتِقْبَالِ) خِلَافًا لحج حَيْثُ قَالَ: وَاسْتَثْنَى مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَا لَوْ حَوَّلَ الْمُتَنَفِّلُ دَابَّتَهُ عَنْ صَوْبِ مَقْصِدِهِ سَهْوًا ثُمَّ عَادَ فَوْرًا فَإِنَّهُ لَا يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مَعَ أَنَّ عَمْدَهُ مُبْطِلٌ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سُجُودِهِ لِجُمُوحِهَا وَعَوْدِهَا فَوْرًا بِأَنَّهُ هُنَا مُقَصِّرٌ لِرُكُوبِهِ الْجَمُوحَ أَوْ بِعَدَمِ ضَبْطِهَا، بِخِلَافِ النَّاسِي فَخَفَّفَ عَنْهُ مَشَقَّةَ السَّفَرِ، وَإِنْ قَصَرَ انْتَهَى.
وَقَضِيَّةُ تَخْصِيصِ الْخِلَافِ بِهَذِهِ الصُّورَةِ وَأَنَّ السُّجُودَ لِجِمَاحِ الدَّابَّةِ لَا خِلَافَ فِيهِ وَهُوَ مُنَافٍ لِقَوْلِ الْبَهْجَةِ:
أَوْ بِانْحِرَافٍ لَا إلَيْهَا نَاسِيًا ... أَوْ خَطَأً أَوْ لِجِمَاحِهَا سَجَدْ
سَهْوًا عَلَى الْأَصَحِّ إنْ قَلَّ الْأَمَدْ
اهـ. وَقَرَّرَهُ شَارِحُهُ بِمَا يُفِيدُ جَرَيَانَ الْخِلَافِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا، وَمِنْهُ قَوْلُهُ: وَصَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ فِي الْجِمَاحِ، لَكِنَّهُ قَالَ بَعْدُ: وَقَالَ الْبَغَوِيّ: يَسْجُدُ فِي النِّسْيَانِ وَالْخَطَأِ دُونَ الْجِمَاحِ. اهـ. فَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ حَجّ أَوْ عَلَى هَذَا الْأَخِيرِ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يَشْرَعْ فِيهِ) قَيَّدَ فِي الذِّكْرِ فَقَطْ، فَلَوْ قَدَّمَ قَوْلَهُ: لَمْ يَشْرَعْ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ قُرْآنٍ أَوْ أَخَّرَ الذِّكْرَ عَنْهُ كَانَ أَوْلَى، وَلَكِنَّهُ أَخَّرَهُ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ تَطْوِيلَ الْقِيَامِ الثَّانِي مِنْ صَلَاةِ الْكُسُوفِ لَا يَضُرُّ لِكَوْنِ الْقِرَاءَةِ مَشْرُوعَةً فِيهِ. وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْقِيَامَ الثَّانِيَ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ لَيْسَ اعْتِدَالًا بَلْ هُوَ سُنَّةٌ فِيهَا مُسْتَقِلَّةٌ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: قِرَاءَةِ الْوَاجِبِ) أَيْ فِيهِمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQالرُّكُوعِ فَتَعَيَّنَ مَا ذَكَرْته. اهـ. (قَوْلُهُ: وَاسْتُثْنِيَ مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ) يَعْنِي قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا سَجَدَ فَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ الْمَفْهُومِ وَأَمَّا مَا يُسْتَثْنَى مِنْ الْمَنْطُوقِ وَهُوَ قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُبْطِلْ عَمْدُهُ لَمْ يَسْجُدْ لِسَهْوِهِ فَسَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ مَعَ مَا زَادَهُ الشَّارِحُ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يَشْرَعْ فِيهِ) رَاجِعٌ لِلذِّكْرِ وَالْقُرْآنِ كَمَا سَيَأْتِي مُحْتَرَزُهُ فِي قَوْلِهِ وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا لَمْ يَشْرَعْ إلَخْ، خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ

الصفحة 71