كتاب نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (اسم الجزء: 2)

لِلتَّعَوُّذِ أَوْ الِافْتِتَاحِ فَلَا يَحْرُمُ (أَوْ) عَادَ لَهُ (نَاسِيًا) كَوْنُهُ فِي صَلَاةٍ أَوْ حُرْمَةِ عَوْدِهِ (فَلَا) تَبْطُلُ لِعُذْرِهِ؛ وَرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُ.
نَعَمْ يَجِبُ عَلَيْهِ عِنْدَ تَذَكُّرِهِ النُّهُوضُ فَوْرًا وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ هُنَا مِنْ عَدَمِ بُطْلَانِهَا بِعَوْدِهِ نَاسِيًا حُرْمَتَهُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ يَسِيرٍ نَاسِيًا حُرْمَةَ الْكَلَامِ ضَرَّ؛ لِأَنَّ الْعَوْدَ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ فَكَانَ بَابُهُ أَوْسَعَ، بِخِلَافِ الْكَلَامِ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِهَا وَلَا مِنْهَا (وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ) لِإِبْطَالِ تَعَمُّدِ ذَلِكَ (أَوْ) عَادَ لَهُ (جَاهِلًا) تَحْرِيمَهُ، وَإِنْ كَانَ مُخَالِطًا لَنَا؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا لَا يَخْفَى عَلَى الْعَوَامّ (فَكَذَا) لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِمَا ذُكِرَ، وَيَقُومُ فَوْرًا عِنْدَ تَعَلُّمِهِ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ. وَالثَّانِي تَبْطُلُ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ التَّعَلُّمِ، أَمَّا الْمَأْمُومُ فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ التَّخَلُّفُ عَنْ إمَامِهِ لِلتَّشَهُّدِ، فَإِنْ تَخَلَّفَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِفُحْشِ الْمُخَالَفَةِ.
لَا يُقَالُ: صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَوْ تَرَكَ إمَامُهُ الْقُنُوتَ فَلَهُ أَنْ يَتَخَلَّفَ لِيَقْنُتَ إذَا لَحِقَهُ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى.
لِأَنَّا نَقُولُ: لَمْ يُحْدِثْ فِي تَخَلُّفِهِ فِي تِلْكَ وُقُوفًا وَهُنَا أَحْدَثَ فِيهِ جُلُوسَ تَشَهُّدِهِ، فَقَوْلُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ: لَوْ جَلَسَ إمَامُهُ لِلِاسْتِرَاحَةِ فَالْأَوْجَهُ أَنَّ لَهُ التَّخَلُّفَ؛ لِيَتَشَهَّدَ إذَا لَحِقَهُ فِي قِيَامِهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يُحْدِثْ جُلُوسًا، فَمَحَلُّ بُطْلَانِهَا إذَا لَمْ يَجْلِسْ إمَامُهُ مَمْنُوعٌ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذْ جُلُوسُهُ لِلِاسْتِرَاحَةِ هُنَا لَيْسَ بِمَطْلُوبٍ، وَلَوْ انْتَصَبَ مَعَهُ فَعَادَ لَهُ لَمْ يَعُدْ إذْ هُوَ إمَّا مُتَعَمِّدٌ فَصَلَاتُهُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ أَوْ سَاهٍ أَوْ جَاهِلٌ فَلَا يُوَافِقُهُ فِي ذَلِكَ بَلْ يَنْتَظِرُهُ قَائِمًا حَمْلًا لَهُ عَلَى أَنَّهُ عَادَ سَاهِيًا أَوْ يَنْوِي مُفَارَقَتَهُ، وَهُوَ الْأَوْلَى، وَلَوْ قَعَدَ فَانْتَصَبَ إمَامُهُ ثُمَّ عَادَ لَزِمَ الْمَأْمُومَ الْقِيَامُ فَوْرًا؛ لِأَنَّهُ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ بِانْتِصَابِ إمَامِهِ وَفِرَاقُهُ هُنَا أَوْلَى أَيْضًا (وَلِلْمَأْمُومِ) إذَا انْتَصَبَ وَحْدَهُ نَاسِيًا (الْعَوْدُ لِمُتَابَعَةِ إمَامِهِ فِي الْأَصَحِّ)
ـــــــــــــــــــــــــــــSتَرَكَهُ هَلْ يَسْجُدُ أَوْ لَا؟ .
إنْ قُلْنَا بِمَا قَالَهُ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيُّ مِنْ السُّجُودِ وَاعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ عَادَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ حُكْمَ الْبَعْضِ بِقَصْدِهِ، وَإِنْ قُلْنَا بِكَلَامِ غَيْرِهِمَا مِنْ عَدَمِ السُّجُودِ لَمْ يُعِدْ (قَوْلُهُ: أَوْ الِافْتِتَاحِ فَلَا يَحْرُمُ) نَعَمْ لَا يَبْعُدُ كَرَاهَتُهُ. اهـ حَجّ. (قَوْلُهُ: أَوْ حُرْمَةِ عَوْدِهِ) أَيْ أَوْ نَاسِيًا حُرْمَةَ عَوْدِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ إلَخْ) هُوَ قَوْلُهُ: أَوْ حُرْمَةِ عَوْدِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ عَادَ لَهُ جَاهِلًا) قَالَ فِي الْخَادِمِ: أَمَّا إذَا عَلِمَ أَنَّ الْقُعُودَ غَيْرُ جَائِزٍ، وَلَكِنْ جَهِلَ أَنَّهُ يُبْطِلُ فَقِيَاسُ مَا سَبَقَ فِي الْكَلَامِ وَنَظَائِرِ الْبُطْلَانِ لِعَوْدِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِتَحْرِيمِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي الْفُرُوقِ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمَأْمُومُ فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ التَّخَلُّفُ) لَمْ يَتَقَدَّمْ مَا يَصْلُحُ كَوْنَ هَذَا مُحْتَرَزًا لَهُ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْ ذِكْرِهِ مُجَرَّدُ إفَادَةِ الْحُكْمِ، وَقَدْ يُقَالُ هُوَ مُحْتَرَزُ مَا جَعَلَهُ مَرْجِعًا لِلضَّمِيرِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَلَوْ نَسِيَ مِنْ قَوْلِهِ الْإِمَامِ أَوْ الْمُنْفَرِدِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَخَلَّفَ) أَيْ عَامِدًا عَالِمًا (قَوْلُهُ: بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) أَيْ وَإِنْ قَلَّ التَّخَلُّفُ حَيْثُ قَصَدَهُ (قَوْلُهُ: إذَا لَحِقَهُ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى) أَيْ فَإِنْ ظَنَّ أَنَّهُ لَا يُدْرِكُهُ فِي الْأُولَى لَا يُسَنُّ لَهُ الْقُنُوتُ، وَمَعَ ذَلِكَ إنْ تَخَلَّفَ لِيَقْنُتَ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ إلَّا إنْ سَبَقَهُ بِرُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ بِأَنْ هَوَى الْإِمَامُ لِلسَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ وَالْمَأْمُومُ فِي الْقِيَامِ لِلِاعْتِدَالِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ نَعَمْ يَجُوزُ لِلْمَأْمُومِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَقَوْلُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ) هُوَ ابْنُ حَجَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: إذْ جُلُوسُهُ) أَيْ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: لَيْسَ بِمَطْلُوبٍ) هَلْ الْمُرَادُ لَيْسَ بِمَطْلُوبٍ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ، وَإِلَّا فَجُلُوسُ الِاسْتِرَاحَةِ سُنَّةٌ فِي حَقِّهِ إذَا قَصَدَ: تَرْكَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ انْتَصَبَ) أَيْ الْمَأْمُومُ مَعَهُ: أَيْ مَعَ إمَامِهِ (قَوْلُهُ: وَفِرَاقُهُ هُنَا أَوْلَى) أَيْ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الِانْتِظَارِ فِي الْقِيَامِ وَالْمُفَارَقَةِ، وَهِيَ أَوْلَى كَاَلَّتِي قَبْلَهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQقُعُودًا عَقِبَ سُجُودِ التِّلَاوَةِ أَوْ عَقِبَ الْهَوِيِّ لِلسُّجُودِ (قَوْلُهُ: كَوْنُهُ فِي صَلَاةٍ) قَدْ لَا يُتَصَوَّرُ عَوْدُهُ لِأَجْلِ التَّشَهُّدِ مَعَ نِسْيَانِهِ أَنَّهُ فِي صَلَاةٍ إذْ التَّشَهُّدُ لَيْسَ إلَّا فِيهَا، فَلَعَلَّ اللَّامَ فِي لَهُ بِمَعْنَى إلَى أَيْ عَادَ إلَى التَّشَهُّدِ بِمَعْنَى مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعَوْدَ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ) يَعْنِي مَا عَادَ إلَيْهِ وَإِلَّا فَنَفْسُ الْعَوْدِ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ، وَفَرَّقَ الشِّهَابُ حَجّ بِأَنَّ حُرْمَةَ الْكَلَامِ أَشْهَرُ فَنِسْيَانُهَا نَادِرٌ فَأُبْطِلَ كَالْإِكْرَاهِ عَلَيْهِ وَلَا كَذَلِكَ هَذَا (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمَأْمُومُ) لَا وَجْهَ لِلتَّعْبِيرِ هُنَا بِأَمَّا (قَوْلُهُ: كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ) يَعْنِي بِمَا اقْتَضَاهُ الْمَنْعُ مِنْ الْبُطْلَانِ (قَوْلُهُ: إذْ جُلُوسُهُ لِلِاسْتِرَاحَةِ هُنَا لَيْسَ بِمَطْلُوبٍ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ

الصفحة 75