كتاب نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (اسم الجزء: 2)

(بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ بِتَعَمُّدِهِ ذَلِكَ كَمَا (إنْ كَانَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ) مِنْ الْقُعُودِ لِزِيَادَتِهِ مَا غَيَّرَ نَظْمَهَا، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ إلَى الْقُعُودِ أَقْرَبَ أَوْ إلَيْهِمَا عَلَى السَّوَاءِ، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا قَبْلَهُ فَعَلَى مُقَابِلِهِ الْمَذْكُورِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ لَا بُطْلَانَ مُطْلَقًا، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُهُ (وَلَوْ) (نَسِيَ) إمَامٌ أَوْ مُنْفَرِدٌ (قُنُوتًا فَذَكَرَهُ فِي سُجُودِهِ) (لَمْ يَعُدْ لَهُ) لِتَلَبُّسِهِ بِفَرْضٍ، فَإِنْ عَادَ لَهُ عَامِدًا عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ (أَوْ) ذَكَرَهُ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ تَمَامِ سُجُودِهِ بِأَنْ لَمْ يُكْمِلْ وَضْعَ أَعْضَائِهِ السَّبْعَةِ (عَادَ) أَيْ جَازَ لَهُ الْعَوْدُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَلَبَّسْ بِفَرْضٍ وَإِنْ دَلَّ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الرَّوْضِ عَلَى امْتِنَاعِ الْعَوْدِ بَعْدَ وَضْعِ الْجَبْهَةِ فَقَطْ (وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ إنْ بَلَغَ) هَوِيُّهُ (حَدَّ الرَّاكِعِ) أَيْ أَقَلَّهُ لِتَغْيِيرِهِ نَظْمَهَا بِزِيَادَةِ رُكُوعٍ سَهْوًا تَبْطُلُ بِتَعَمُّدِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَبْلُغْهُ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي التَّشَهُّدِ، وَيَجْرِي فِي الْمَأْمُومِ هُنَا جَمِيعُ مَا مَرَّ فِيهِ ثُمَّ بِتَفْصِيلِهِ حَرْفًا بِحَرْفٍ، وَكَذَا فِي غَيْرِهِ الْجَاهِلُ أَوْ النَّاسِي مَا مَرَّ ثُمَّ أَيْضًا. نَعَمْ يَجُوزُ لِلْمَأْمُومِ التَّخَلُّفُ هُنَا لِلْقُنُوتِ إنْ لَمْ يَسْبِقْ بِرَكْعَتَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ كَمَا سَيَأْتِي فِي فَصْلِ مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ أَدَامَ مَا كَانَ فِيهِ فَلَمْ تَحْصُلْ مُخَالَفَةٌ فَاحِشَةٌ. وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ بَلَغَ قَيْدٌ فِي السُّجُودِ لِلسَّهْوِ خَاصَّةً لَا فِي الْعَوْدِ، وَإِنْ كَانَتْ عِبَارَتُهُ قَدْ تُفْهِمُ عَوْدَهُ لَهَا (وَلَوْ شَكَّ) مُصَلٍّ (فِي تَرْكِ بَعْضٍ) مِنْ الْأَبْعَاضِ السَّابِقَةِ مُعَيَّنِ الْقُنُوتِ (سَجَدَ) إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ فِعْلِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ فِي تَرْكِ بَعْضٍ مُبْهَمٍ أَوْ فِي أَنَّهُ سَهَا أَمْ لَا أَوْ عَلِمَ تَرْكَ مَسْنُونٍ، وَاحْتُمِلَ كَوْنُهُ بَعْضًا لِعَدَمِ تَيَقُّنِ مُقْتَضِيهِ مَعَ ضَعْفِ الْمُبْهَمِ بِالْإِبْهَامِ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ لِلتَّقْيِيدِ بِالْمُعَيَّنِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSمَا لَيْسَ مِنْ أَفْعَالِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ إلَيْهِمَا عَلَى السَّوَاءِ) وَيَكْفِي فِي ذَلِكَ غَلَبَةُ الظَّنِّ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ لِقِلَّةِ مَا فَعَلَهُ (قَوْلُهُ: وَعَلَى مُقَابِلِهِ الْمَذْكُورِ عَنْ الْآخَرِينَ) هُوَ قَوْلُهُ: وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ قَبْلَهُ عَادَ) أَيْ سَوَاءٌ بَلَغَ حَدَّ الرَّاكِعِ أَوْ لَا كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَقَوْلِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَمْ يُكْمِلْ وَضْعَ أَعْضَائِهِ) شَمَلَ مَا لَوْ وَضَعَ جَبْهَتَهُ دُونَ يَدَيْهِ مَثَلًا فَيَعُودُ خِلَافًا لِمَا يَأْتِي عَنْ ظَاهِرِ عِبَارَةِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: أَيْ جَازَ لَهُ الْعَوْدُ) قَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِالْجَوَازِ عَدَمُ اسْتِحْبَابِهِ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ مِنْ اسْتِحْبَابِ الْعَوْدِ لِلتَّشَهُّدِ حَيْثُ ذَكَرَهُ قَبْلَ انْتِصَابِهِ اسْتِحْبَابُهُ هُنَا بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا لَمْ يَتَلَبَّسْ بِفَرْضٍ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَبْلُغْهُ) إلَخْ أَيْ بِأَنْ انْحَنَى إلَى حَدٍّ لَا تَنَالُ رَاحَتَاهُ رُكْبَتَيْهِ وَإِنْ كَانَ إلَى الرُّكُوعِ أَقْرَبَ مِنْهُ إلَى الْقِيَامِ فَلَا يَسْجُدُ لِقِلَّةِ مَا فَعَلَهُ، وَإِنْ خَرَجَ بِهِ عَنْ مُسَمَّى الْقِيَامِ الَّذِي تُجْزِئُهُ فِيهِ الْقِرَاءَةُ (قَوْلُهُ: قَدْ تُفْهِمُ عَوْدَهُ) أَيْ التَّقْيِيدِ (قَوْلُهُ: مُعَيَّنٍ كَقُنُوتٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الشَّكَّ فِي بَعْضِهِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهُ لَا يَضُرُّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ قِيَاسًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ شَكَّ فِيهَا وَجَبَ إعَادَتُهَا أَوْ فِي بَعْضِهَا بَعْدَ فَرَاغِهَا لَمْ تَجِبْ لِكَثْرَةِ كَلِمَاتِهَا، وَهَذَا مَوْجُودٌ بِعَيْنِهِ فِي الْقُنُوتِ، وَيُؤَيِّدُ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ فِي عَدِّ تَرْكِ الْمَأْمُورَاتِ ذَكَرَ أَنَّ تَرْكَ بَعْضِ الْقُنُوتِ وَلَوْ كَلِمَةً كَكُلِّهِ، وَاقْتَصَرَ هُنَا عَلَى الشَّكِّ فِي الْقُنُوتِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلشَّكِّ فِي بَعْضِهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ فِي تَرْكِ بَعْضٍ مُبْهَمٍ) إنْ أَرَادَ بِالشَّكِّ فِي تَرْكِ بَعْضٍ مُبْهَمٍ أَنَّهُ تَرَدَّدَ هَلْ تَرَكَ بَعْضًا أَوْ مَنْدُوبًا فِي الْجُمْلَةِ فَعَدَمُ السُّجُودِ مُسَلَّمٌ، وَإِنْ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّهُ تَرَدَّدَ هَلْ الْمَتْرُوكُ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ أَوْ عَلَى الْآلِ فِي الْقُنُوتِ مَثَلًا فَالْوَجْهُ السُّجُودُ وَسَيَأْتِي، وَكَذَا إنْ أَرَادَ أَنَّهُ تَرَدَّدَ أَتَرَكَ شَيْئًا مِنْ الْأَبْعَاضِ أَوْ لَا بَلْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا قَبْلَهُ) بِمَعْنَى أَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْهُ وَمُسْتَخْرَجٌ مِنْ حُكْمِهِ، وَإِلَّا فَفِي الْحَقِيقَةِ أَنَّ ذَاكَ يَنْبَنِي عَلَى هَذَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّ الْمُرَادَ هُنَا بِالْبِنَاءِ مَا مَرَّ؛ لِأَنَّ حُكْمَ السُّجُودِ وَعَدَمِهِ الْمَذْكُورَ فِي الْمَتْنِ طَرِيقَةُ الْقَفَّالِ وَأَتْبَاعِهِ تَوَسُّطًا بَيْنَ وَجْهَيْنِ مُطْلَقَيْنِ أَحَدُهُمَا مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ عَقِبَهُ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْقَفَّالُ لِحُكْمِ الْعَمْدِ عَلَى طَرِيقَتِهِ فَأَخَذَهُ تِلْمِيذُ تِلْمِيذِهِ الْبَغَوِيّ مِنْ كَلَامِهِ عَمَلًا بِقَاعِدَةِ أَنَّ مَا أَبْطَلَ عَمْدُهُ يُسْجَدُ لِسَهْوِهِ (قَوْلُهُ: الْمَذْكُورُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ) أَيْ الَّذِينَ عَبَّرَ هُوَ عَنْهُمْ فِيمَا مَرَّ بِالْجُمْهُورِ، وَعُلِمَ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ أَنَّ هُنَاكَ وَجْهًا بِالسُّجُودِ مُطْلَقًا فَيَنْبَنِي عَلَيْهِ هُنَا الْبُطْلَانُ مُطْلَقًا وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ فِي تَرْكِ بَعْضٍ مُبْهَمٍ) كَأَنْ شَكَّ هَلْ تَرَكَ وَاحِدًا مِنْ الْأَبْعَاضِ أَوْ أَتَى بِجَمِيعِهَا

الصفحة 78