كتاب نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (اسم الجزء: 2)

فِي الرَّابِعَةِ أَنَّهَا رَابِعَةٌ (سَجَدَ) لِتَرَدُّدِهِ حَالَ الْقِيَامِ إلَيْهَا فِي زِيَادَتِهَا الْمُحْتَمَلَةِ فَقَدْ أَتَى بِزَائِدٍ عَلَى تَقْدِيرٍ دُونَ تَقْدِيرٍ، وَإِنَّمَا كَانَ التَّرَدُّدُ فِي زِيَادَتِهَا مُقْتَضِيًا لِلسُّجُودِ؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ زَائِدَةً فَظَاهِرٌ، وَإِلَّا فَتَرَدُّدُهُ أَضْعَفَ النِّيَّةَ وَأَحْوَجَ إلَى الْجَبْرِ.
وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ مَا لَوْ شَكَّ فِي قَضَاءِ فَائِتَةٍ كَانَتْ عَلَيْهِ حَيْثُ نَأْمُرُهُ بِقَضَائِهَا، وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مُتَرَدِّدًا فِي أَنَّهَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ التَّرَدُّدَ ثَمَّ لَمْ يَقَعْ فِي بَاطِلٍ بِخِلَافِهِ هُنَا؛ وَلِأَنَّ السُّجُودَ إنَّمَا يَكُونُ لِلتَّرَدُّدِ الطَّارِئِ فِي الصَّلَاةِ لَا لِلسَّابِقِ عَلَيْهَا. وَمُقْتَضَى تَعْبِيرِهِمْ بِقَبْلِ الْقِيَامِ أَنَّهُ لَوْ زَالَ تَرَدُّدُهُ بَعْدَ نُهُوضِهِ وَقَبْلَ انْتِصَابِهِ لَمْ يَسْجُدْ، إذْ حَقِيقَةُ الْقِيَامِ الِانْتِصَابُ وَمَا قَبْلَهُ انْتِقَالٌ لَا قِيَامٌ.
قَالَ الشَّيْخُ: فَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ: إنَّهُمْ أَهْمَلُوهُ مَرْدُودٌ، وَكَذَا قَوْلُهُ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ إنْ صَارَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ سَجَدَ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ صَيْرُورَتَهُ إلَى مَا ذُكِرَ لَا تَقْتَضِي السُّجُودَ؛ لِأَنَّ عَمْدَهُ لَا يُبْطِلُ، وَإِنَّمَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ مَعَ عَوْدِهِ كَمَا مَرَّ، نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ الْعِمَادِ اهـ. وَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ قَامَ لِخَامِسَةٍ نَاسِيًا فَفَارَقَهُ الْمَأْمُومُ بَعْدَ بُلُوغِ حَدِّ الرَّاكِعِينَ سَجَدَ لِلسَّهْوِ صَرِيحٌ أَوْ كَالصَّرِيحِ فِيمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ هُنَا وَفِيمَا مَرَّ فِي الْقِيَامِ عَنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، فَلَوْ تَذَكَّرَ أَنَّهَا خَامِسَةٌ لَزِمَهُ أَنْ يَجْلِسَ حَالًا وَيَتَشَهَّدَ إنْ لَمْ يَكُنْ تَشَهَّدَ، وَإِلَّا فَلَا تَلْزَمُهُ إعَادَتُهُ ثُمَّ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ. وَلَوْ شَكَّ فِي تَشَهُّدِهِ أَهُوَ الْأَوَّلُ أَمْ الثَّانِي فَإِنْ زَالَ شَكُّهُ فِيهِ لَمْ يَسْجُدْ؛ لِأَنَّهُ مَطْلُوبٌ بِكُلِّ تَقْدِيرٍ وَلَا نَظَرَ لِتَرَدُّدِهِ فِي كَوْنِهِ وَاجِبًا أَوْ نَفْلًا أَوْ بَعْدَهُ وَقَدْ قَامَ سَجَدَ؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ زَائِدٌ بِتَقْدِيرٍ.

(وَلَوْ) (شَكَّ بَعْدَ السَّلَامِ) الَّذِي لَا يَحْصُلُ بِهِ عَوْدٌ لِلصَّلَاةِ (فِي تَرْكِ فَرْضٍ) غَيْرِ النِّيَّةِ وَتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ (لَمْ يُؤَثِّرْ) وَإِنْ قَصَرَ الْفَصْلُ (عَلَى الْمَشْهُورِ) ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مُضِيُّهَا عَلَى الصِّحَّةِ وَإِلَّا لَعَسُرَ عَلَى النَّاسِ خُصُوصًا عَلَى ذَوِي الْوَسْوَاسِ. وَالثَّانِي يُؤَثِّرُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ فِعْلِهِ فَيَبْنِي عَلَى الْيَقِينِ وَيَسْجُدُ كَمَا فِي صُلْبِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي رَكْعَةٍ أَثَالِثَةٌ هِيَ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَقَعْ فِي بَاطِلٍ) أَيْ الْمُصَلِّي بِسَبَبِهِ، وَعِبَارَةُ حَجّ فِي مُبْطِلٍ: وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ مَا يَأْتِي بِهِ عِنْدَ الشَّكِّ فِي الْفَائِتَةِ لَيْسَ بَاطِلًا؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَتْ الْفَائِتَةُ عَلَيْهِ فَظَاهِرٌ وَإِلَّا فَيَقَعُ لَهُ نَفْلًا مُطْلَقًا، وَأَيًّا مَا كَانَ فَمَا أَتَى بِهِ صَلَاةٌ صَحِيحَةٌ شَرْعًا.
(قَوْلُهُ: وَقَبْلَ انْتِصَابِهِ) أَيْ وُصُولِهِ إلَى حَدٍّ تُجْزِئُهُ فِيهِ الْقِرَاءَةُ وَإِنْ صَارَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ مِنْهُ إلَى الْقُعُودِ وَقَوْلُهُ لَمْ يَسْجُدْ مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَكَذَا قَوْلُهُ:) أَيْ الْإِسْنَوِيِّ: أَيْ مَرْدُودٌ (قَوْلُهُ: بَعْدَ بُلُوغِ حَدِّ الرَّاكِعِينَ) أَيْ مِنْ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: فِيمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ) أَيْ فَيَسْجُدُ إنْ صَارَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ اعْتِمَادُهُ، لَكِنْ تَقَدَّمَ لَهُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ مَا قَدْ يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْجُلُوسِ قَبْلَ هَوِيِّهِ لِلسُّجُودِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكْفِيَهُ نُزُولُهُ مِنْ الْقِيَامِ سَاجِدًا؛ لِأَنَّ التَّشَهُّدَ بِجُلُوسِهِ تَقَدَّمَ وَجُلُوسُهُ لِلسَّلَامِ يَأْتِي بِهِ بَعْدَ سُجُودِ السَّهْوِ فَلَا مَعْنَى لِتَعَيُّنِ جُلُوسِهِ قَبْلَ السُّجُودِ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهُ وَقَدْ قَامَ سَجَدَ) أَيْ إنْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ قِيَامَهُ قَبْلَ التَّذَكُّرِ فِعْلٌ مُحْتَمِلٌ لِلزِّيَادَةِ، ثُمَّ بَعْدَ تَذَكُّرِهِ إنْ كَانَ الْأَوَّلُ وَجَبَ اسْتِمْرَارُهُ قَائِمًا، وَإِنْ كَانَ الْأَخِيرُ وَجَبَ الْجُلُوسُ فَوْرًا.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ شَكَّ بَعْدَ السَّلَامِ) خَرَجَ مَا لَوْ شَكَّ فِي السَّلَامِ نَفْسِهِ فَيَجِبُ تَدَارُكُهُ مَا لَمْ يَأْتِ بِمُبْطِلٍ وَلَوْ بَعْدَ طُولِ الْفَصْلِ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَقَدْ لَا يُشْرَعُ إلَخْ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَقَدْ يُشْرَعُ السُّجُودُ كَزِيَادَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: الَّذِي لَا يَحْصُلُ بِهِ عَوْدٌ لِلصَّلَاةِ) أَيْ لَا يَحْصُلُ الْعَوْدُ مَعَهُ لِلصَّلَاةِ إنْ كَانَ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا وَلَمْ يَزِدْ السُّجُودَ، وَلَوْ قَالَ الَّذِي لَا يَحْصُلُ بَعْدَهُ عَوْدٌ إلَخْ كَانَ أَوْلَى، بِخِلَافِ مَا لَوْ سَلَّمَ نَاسِيًا أَنَّ عَلَيْهِ سُجُودَ السَّهْوِ فَعَادَ وَشَكَّ بَعْدَ عَوْدِهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ شَكَّ قَبْلَ السَّلَامِ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي يُؤَثِّرُ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ فِي الرَّابِعَةِ، وَقَوْلُهُ: إنَّهَا رَابِعَةٌ إنْ كَانَ مَعْمُولًا لِتَذَكُّرٍ فَهُوَ عَيْنُ قَوْلِهِ إنَّ مَا قَبْلَهَا ثَالِثَةٌ وَإِلَّا فَمَا مَوْقِعُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَى تَعْبِيرِهِمْ بِقَبْلِ الْقِيَامِ) أَيْ فِيمَا لَوْ تَذَكَّرَ فِي الثَّالِثَةِ الَّذِي عَبَّرَ هُوَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ قَبْلَ قِيَامِهِ لِلرَّابِعَةِ (قَوْلُهُ: هُنَا وَفِيمَا مَرَّ) أَمَّا كَوْنُهُ صَرِيحًا أَوْ كَالصَّرِيحِ فِيمَا ذَكَرَهُ هُنَا فَسُلِّمَ، وَأَمَّا كَوْنُهُ كَذَلِكَ فِيمَا مَرَّ فَلَا لِمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ الْفَرْقِ بِأَنَّ عَمْدَ الْقِيَامِ هُنَا وَحْدَهُ مُبْطِلٌ بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ، وَمُرَادُهُ بِمَا مَرَّ مَا قَدَّمَهُ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ قُبَيْلَ

الصفحة 81