كتاب نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (اسم الجزء: 2)

الْإِشْكَالَ.
وَأَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ سَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ رُبَاعِيَّةٍ نَاسِيًا وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ نَفْلًا ثُمَّ تَذَكَّرَ بِوُجُوبِ اسْتِئْنَافهَا؛ لِأَنَّهُ إنْ أَحْرَمَ بِالنَّفْلِ قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ فَتَحَرُّمُهُ بِهِ لَمْ يَنْعَقِدْ، وَلَا يَنْبَنِي عَلَى الْأُولَى لِطُولِ الْفَصْلِ بِالرَّكْعَتَيْنِ أَوْ بَعْدَ طُولِهِ بَطَلَتْ وَخَرَجَ بِفَرْضٍ: أَيْ رُكْنُ الشَّرْطِ فَيُؤَثِّرُ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي مَوْضِعٍ فِي الْمَجْمُوعِ فِي آخِرِ بَابِ الشَّكِّ فِي نَجَاسَةِ الْمَاءِ فَارِقًا بِأَنَّ الشَّكَّ فِي الرُّكْنِ يَكْثُرُ بِخِلَافِهِ فِي الطُّهْرِ، وَبِأَنَّ الشَّكَّ فِي الرُّكْنِ حَصَلَ بَعْدَ تَيَقُّنِ الِانْعِقَادِ، وَالْأَصْلُ الِاسْتِمْرَارُ عَلَى الصِّحَّةِ، بِخِلَافِهِ فِي الطُّهْرِ فَإِنَّهُ شَكَّ فِي الِانْعِقَادِ، الْأَصْلُ عَدَمُهُ.
قَالَ: وَقَدْ صَرَّحَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْمَحَامِلِيُّ وَسَائِرُ الْأَصْحَابِ بِمَعْنَى مَا قُلْتُهُ. فَقَالُوا إذَا جَدَّدَ الْوُضُوءَ ثُمَّ صَلَّى ثُمَّ تَيَقَّنَ أَنَّهُ تَرَكَ مَسْحَ رَأْسِهِ مِنْ أَحَدِ الْوُضُوءَيْنِ لَزِمَهُ إعَادَةُ الصَّلَاةِ لِجَوَازِ كَوْنِهِ تَرَكَ الْمَسْحَ مِنْ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَقُولُوا إنَّهُ شَكَّ بَعْدَ الصَّلَاةِ انْتَهَى.
قَالَ الشَّيْخُ: وَمَا فَرَّقَ بِهِ مُنْقَدِحٌ، لَكِنْ مُقْتَضَى كَلَامِ كَثِيرٍ أَنَّ الشَّرْطَ كَالرُّكْنِ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى الْعِبَادَةَ فِي الظَّاهِرِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الشَّكُّ الطَّارِئُ بَعْدَ الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ بِالنِّسْبَةِ لِلطُّهْرِ فِي بَابِ مَسْحِ الْخُفِّ عَنْ جَمْعٍ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا نَقَلَهُ هُوَ عَنْ الْقَائِلِينَ بِهِ عَنْ النَّصِّ أَنَّهُ لَوْ شَكَّ بَعْدَ طَوَافِ نُسُكِهِ هَلْ طَافَ مُتَطَهِّرًا أَمْ لَا لَا تَلْزَمُهُ إعَادَةُ الطَّوَافِ.
وَقَدْ نُقِلَ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ جَوَازُ دُخُولِ الصَّلَاةِ بِطُهْرٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ. وَظَاهِرٌ أَنَّ صُورَتَهُ أَنْ يَتَذَكَّرَ أَنَّهُ تَطَهَّرَ قَبْلَ شَكِّهِ، وَإِلَّا فَلَا تَنْعَقِدُ، وَدَعْوَى أَنَّ الشَّكَّ فِي الشَّرْطِ يَسْتَلْزِمُ الشَّكَّ فِي الِانْعِقَادِ يَرُدُّهَا كَلَامُهُمْ
ـــــــــــــــــــــــــــــSالزَّرْكَشِيّ أَنَّ سَلَامَهُ حَيْثُ سَهَا بِهِ لَغْوٌ فَلَمْ يَخْرُجْ بِهِ مِنْ الصَّلَاةِ، وَغَايَةُ مَا فَعَلَهُ بَعْدُ حَيْثُ لَمْ يَأْتِ بِمُبْطِلٍ أَنَّهُ كَالسُّكُوتِ الطَّوِيلِ، وَهِيَ لَا تَبْطُلُ بِهِ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: لِطُولِ الْفَصْلِ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ يَحْصُلُ بِهِمَا طُولُ الْفَصْلِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ ذَلِكَ بِالْوَسَطِ الْمُعْتَدِلِ؛ لِأَنَّهُ الْمَحْمُولُ عَلَيْهِ غَالِبًا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ: كَمَا جَزَمَ بِهِ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: مِنْ الْأَوَّلِ) أَيْ وَالْمَسْحُ فِي الْوُضُوءِ الْمُجَدَّدِ لَا يَقُومُ مَقَامَ الْمَسْحِ فِي الْوُضُوءِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَمَا فَرَّقَ بِهِ مُنْقَدِحٌ) أَيْ قَوِيٌّ (قَوْلُهُ: أَنَّ الشَّرْطَ كَالرُّكْنِ) وَمِنْهُ مَا لَوْ شَكَّ بَعْدَ السَّلَامِ فِي نِيَّةِ الْوُضُوءِ فَلَا تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ، بِخِلَافِ شَكِّهِ فِي نِيَّةِ الطَّهَارَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يُؤَثِّرُ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ. اهـ زِيَادِيٌّ.
وَبَقِيَ مَا لَوْ شَكَّ فِي نِيَّةِ الطَّهَارَةِ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ بَلْ أَوْ فِي الطَّهَارَةِ نَفْسِهَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ بِالضَّرَرِ، فَيَجِبُ الِاسْتِئْنَافُ إنْ طَالَ تَرَدُّدُهُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى بَهْجَةٍ التَّصْرِيحَ بِذَلِكَ. وَعِبَارَتُهُ فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ نَصُّهَا: وَأَقُولُ الشَّكُّ فِي الشَّرْطِ فِي الصَّلَاةِ مُبْطِلٌ إنْ طَالَ اهـ (قَوْلُهُ: فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الشَّكُّ الطَّارِئُ) شَمَلَ ذَلِكَ مَا لَوْ شَكَّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ صَلَاتِهِ فِي أَنَّ إمَامَهُ كَانَ مَأْمُومًا أَوْ إمَامًا فَلَا يَضُرُّ، وَفِي حَجّ مَا يُخَالِفُهُ.
وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الشَّكَّ فِي ذَلِكَ يَرْجِعُ لِلشَّكِّ فِي أَصْلِ النِّيَّةِ وَهُوَ مُوجِبٌ لِلِاسْتِئْنَافِ. وَعِبَارَةُ مَتْنِ الرَّوْضِ وَشَرْحُهُ فَمَنْ شَكَّ وَلَوْ بَعْدَ السَّلَامِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ إمَامٌ أَوْ مَأْمُومٌ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِشَكِّهِ فِي أَنَّهُ تَابِعٌ أَوْ مَتْبُوعٌ، فَلَوْ شَكَّ أَحَدُهُمَا وَظَنَّ الْآخَرُ صَحَّتْ لِلظَّانِّ أَنَّهُ إمَامٌ دُونَ الْآخَرِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، وَهَذَا مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي فَرَّقُوا فِيهَا بَيْنَ الظَّنِّ وَالشَّكِّ. اهـ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) أَيْ قَوْلُهُ: إنَّ الشَّرْطَ كَالرُّكْنِ إلَخْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِيهِ، وَانْظُرْ مَا صُورَةُ حُسْبَانِ الْقِرَاءَةِ أَوْ عَدَمِ حُسْبَانِهَا فَإِنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ لِي (قَوْلُهُ: الْقَائِلِينَ بِهِ) يَعْنِي بِأَنَّ الشَّرْطَ كَالرُّكْنِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّ صُورَتَهُ أَنْ يَتَذَكَّرَ أَنَّهُ تَطَهَّرَ قَبْلَ شَكِّهِ) يُقَالُ عَلَيْهِ إذَا كَانَتْ هَذِهِ صُورَتُهُ خَرَجَ عَنْ مَحَلِّ النِّزَاعِ فَلَمْ يَصِحَّ الِاسْتِظْهَارُ بِهِ عَلَى مَا نَحْنُ فِيهِ، وَأَيْضًا فَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ بِالْقَوْلِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مَنْقُولُ الْمَذْهَبِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّهُ بِذَلِكَ يَخْرُجُ عَنْ مَحَلِّ النِّزَاعِ؛ لِأَنَّ صُورَتَهُ كَمَا حَرَّرَهُ الشِّهَابُ سم عَنْ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ مِنْ نَفْسِهِ سَبْقَ حَدَثٍ وَلَا طَهَارَةٍ وَدَخَلَ فِي الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ فِي الطَّهَارَةِ مَثَلًا ثُمَّ لَمَّا فَرَغَ مِنْهَا عَرَضَ لَهُ الشَّكُّ فَلَا يَضُرُّ مَعَ أَنَّهُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ لَيْسَ لَهُ الدُّخُولُ فِي الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ وُجُودَ الطَّهَارَةِ قَبْلَ الشُّرُوعِ وَلَا هُنَاكَ طَهَارَةٌ مُسْتَصْحَبَةٌ فَكَيْفَ تَنْعَقِدُ صَلَاتُهُ، وَمَعَ أَنَّهُ إذَا عَرَضَ لَهُ الشَّكُّ دَاخِلَ الصَّلَاةِ فِي الطَّهَارَةِ مَثَلًا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ

الصفحة 83