كتاب شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني (اسم الجزء: 2)

لما ذكر الشاهدين بقوله غير الولي لأن المنع هنا ظاهر إذ فيه الحكم لنفسه بخلاف الشهادة فإنها للغير وإن كان له بها تعلق فكان ذلك أقوى واشتراط العدالة يستلزم الحرية والبلوغ وعلم ما يحكمان به وصرح به لأجل تقييده بالجار والمجرور فقال (فقيهين بذلك) أي بأحكام الصيد لا بجميع أبواب الفقه وأخبر عن المبتدأ بقوله (مثله) أي الصيد أي مقاربه في القدر والصورة فإن لم يوجد فالقدر كاف (من النعم) واحد الأنعام يذكر ويؤنث وهي الإبل والبقر والغنم وهو بيان لقوله مثله ويجوز جعل الجزاء مبتدأ أول ومثله مبتدأ ثان ومن النعم خبر الثاني وهو وخبره خبر الأول ثم قوله مثله أي في غير ما ورد فيه شيء معين مما سيذكره فلا يكون فيه ما ذكر هنا بل ما سيذكره قريبًا إما بحكم أو بلا حكم كحمام مكة والحرم ويمامه فقوله والجزاء الخ قضية مهملة لا كلية فالحكم فيها على بعض الأفراد لا على كلها (أو إطعام بقيمة الصيد) نفسه أي يقوم حيًّا كبيرًا بطعام ولا يقوم بدراهم ثم يشتري بها طعام لكن أن فعل أجزأ ولا يقوم جزاؤه بمثله من النعم خلافًا للشافعي بل يقوم هو مقدرة حياته والمعتبر قيمته (يوم التلف) لا يوم تقويم الحكمين ولا يوم التعدي ولا يوم الأكثر منهما ويخرج من طعام جل عيش ذلك المكان ويعتبر كل من الإطعام والتقويم (بمحله) أي محل التلف (وإلا) يكن له قيمة بمحل التلف أو لم يجد به
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فحكما عليه وقول ز مثلًا بكسر الميم أو طعامًا أو صيامًا الخ هذا التعميم هو ظاهر المصنف قال ح ولا أعلم خلافًا في اشتراط الحكم في الأولين وأما الصوم فصرح ابن الحاجب باشتراط ذلك فيه وذكر صاحب الطراز في ذلك خلافًا بعد أن قال لا يختلف المذهب في استحبابه ثم ذكر عن الباجي أنه قال الأظهر عند استئناف الحكم في الصوم وظاهر كلام ابن عرفة بل صريحه أن الصوم لا يشترط فيه الحكم اهـ.
باختصار قال طفى عقبه قلت أطلق الخلاف بظاهره من غير تفصيل وليس كذلك ولا بد من بيان محله قال الفاكهاني في شرح الرسالة أن أراد ابتداء أن يصوم فلا بد أن يحكما عليه فينظر لقيمة الصيد لأنه لا يعرف قدر الصوم إلا بمعرفة قدر الطعام ولا يكون الطعام إلا بالحكم وأما إن أراد الطعام فلا حكمًا عليه أراد الصيام فههنا قال جماعة من أصحابنا لا يحتاج إلى حكمهما في الصوم لأن الصوم بدل من الطعام لا من الهدي بدليل قوله تعالى: {أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} [المائدة: 95] وكان الصوم مقدر بالطعام بتقدير الشرع فلا حاجة إلى الحكمين اهـ.
فينزل كلام ابن الحاجب تبعًا لابن شاس على الأول ونحوهما قول المدونة والمحكوم عليه مخير إن شاء أن يحكما عليه بجزاء ما أصاب من النعم أو بالصيام أو بالطعام اهـ.
وكلام الطراز والباجي وابن عرفة على الثاني وظاهر المدونة عدم احتياجه فيه إلى حكم اهـ.
(مثله من النعم) قول ز ومثله مبتدأ ثان الخ هذا الوجه غير صحيح لخلو الجملة الواقعة خبرًا عن الرابط وضمير مثله عائد إلى الصيد كما ذكر لا للمبتدأ الأول وقول ز ثم قوله مثله الخ هذا الكلام تبع فيه عج وهو باطل يأتي رده إن شاء الله والنقل يدل على التخيير بين

الصفحة 562