كتاب شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني (اسم الجزء: 2)

مساكين (فبقربه) أي فيقوم أو يطعم بقرب محل التلف فإن لم يكن حكم عليه إذا رجع لأهله وأراد الإطعام حكم اثنين ووصف لهما الصيد وذكر لهما سعر الطعام بموضع الصيد فإن تعذر عليهما تقويمه بطعام قوماه بدراهم وبعث بالطعام إلى موضع الصيد كما يبعث بالهدي إلى مكة فقول المصنف (ولا يجزي) أي ما ذكر من الإطعام أو التقويم (بغيره) من المواضع يريد مع الإمكان قال سند جملة ذلك أنه إذا أخرج الجزاء هديًا اختص بالحرم أو صيامًا فحيث شاء أو طعامًا اختص بمحل التقويم لا بالحرم خلافًا للشافعي اهـ.
(ولا) يجزي (زائد على مد) من أمداد قدر الطعام المماثل للحيوان (لمسكين) وينبغي أن له نزعه أن بين بالقرعة كما في كفارة اليمين (و) لا يجزي (ناقص) إلا أن يكمل وهل يقيد بما إذا بقي كما في كفارة اليمين على أحد التأويلين أم لا (إلا أن يساوي سعره) أي يكون سعره متفقًا في الموضعين (فتأويلان) في الإجزاء وعدمه وهما في مسألة الإطعام بغير المحل الذي يقوم فيه ويخرج فيه ولا يجريان فيه وفي التقويم وإن كان يتوهم ذلك من دخوله في قوله ولا يجزئ بغيره كما قررنا إذ التقويم بغيره مع مساواة السعر جائز من غير خلاف فلا يصح أن يقال فيه بعدم الإجزاء ولو قال وأجزأ التقويم بغيره أن ساوى سعره وإلا فلا كالإطعام إلا أن يساوي سعره فتأويلان لكان أظهر وقولي كالإطعام تشبيه في عدم الإجزاء بدليل ذكر التأويلين وكان كما قال الشيخ سالم يقدم هذا عقب وقوله ولا يجزي بغيره لئلا يتوهم رجوعه لقوله وزائد فيقول وهل مطلقًا أو إلا أن يساوي سعره فتأويلان كما هو الأوفق بعادته اهـ.
لكن يتوهم حينئذ أنه راجع لفردي قوله ولا يجزي بغيره اللذين أعدنا فاعل يجزي لهما وليس كذلك وإنما هو راجع لأحد فرديهما وهو الإطعام كما علمت فإذا كان سعره في محل الوجوب عشرة مثلًا وفي محل الإخراج اثني عشر وأخرج العشرة فلا تجزئ لعدم تساوي السعرين أو كان سعره في محل الإخراج أنقص وأخرج أزيد فهو أولى على
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الأنواع الثلاثة في الجميع ما ورد فيه شيء وما لم يرد فيه غير حمام مكة والحرم (ولا يجزي بغيره) قول ز أي ما ذكر من الإطعام والتقويم الخ في ذكر التقويم انظر والصواب قصره على الإطعام إذ لم تر من ذكر عدم الإجزاء في التقويم بغير محل التلف (ولا زائد على مد) قول ز وينبغي أن له نزعة بالقرعة الخ مثله في خش وهو غير صحيح إذ لا تتصور القرعة مع الزيادة على مد لمسكين بل الزيادة تنزع حيث كانت سواء كانت عند البعض أو الجميع ولا محل للقرعة وإنما محلها فيما إذا أعطى عشرة أمداد لعشرين مثلًا فإنه ينزع من عشرة بالقرعة ويكمل للآخرين (فتأويلان) قال في ضيح وتحصيل المسألة أنه يطلب ابتداء أن يخرج الطعام بمحل التقويم فإن أخرجه في غيره فمذهب المدونة عدم الإجزاء وقال ابن المواز أن أصاب الصيد بمصر فأخرج الطعام في المدينة أجزأ لأن سعرها أغلى وإن أصاب الصيد بالمدينة فأخرج الطعام بمصر لم يجزه إلا أن يتفق سعراهما ابن عبد السلام واختلف الشيوخ في كلام ابن المواز فمنهم من جعله تفسيرًا للمدونة ومنهم من جعله خلافًا وهو الذي اعتمده ابن الحاجب اهـ.

الصفحة 563