كتاب الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 2)

وسقطة، بل سقطات، فما من إمام وقد ثبت عنه قول أو فعل خفي عليه فيه السنة والخطأ به في الاجتهاد.
قال بعض العلماء: لا يجوز لنا أن نقلد المكيين ولا الكوفيين في المتعة1 والدرهم بالدرهمين، وشرب أقل مما يسكر من النبيذ، ولا بعض المدنيين في مسألة إتيان النساء في أدبارهن2، ولا الشاميين والمدنيين في حلية المعازف3 ولا الشافعي في قول له بإباحة تزوج الرجل ببنته من الزنى، ولا الحنفي في أن من تزوج أمه لا حد عليه، فإن أحمد يقول: إن من تزوج بنته من زنى قتل.
وقال علماء الحديث: من شرب النبيذ المختلف فيه، حد، وعند المالكية تسقط شهادته.
وهذا كله باعتبار الغالب، وإلا فقد كان يوجد في علماء الأمة من
__________
1 كان نكاح المتعة مباحا في أول الإسلام، ثم نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عنه عام الفتح، وحرمه إلى يوم القيامة كما ثبت في صحيح مسلم رقم "1406" "21" من حديث عبد الله بن سبرة، وقد اتفق العلماء على تحريمه وهو كالإجماع بين المسلمين.. "فتح الباري 9/ 148.
2 ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحادث صحاح وحسان شهيرة رواها غير واحد من الصحابة كلها متواترة على تحريم وطء الرجل زوجته في دبرها، فعن خزيمة بن ثابت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الله لا يستحيي من الحق لا تأتوا النساء في أدبارهن" أخرجه أحمد 2/ 213، والطحاوي 2/ 25، وإسناده صحيح، وصححه ابن حبان "1299"، ووصفه الحافظ في الفتح 8/ 143 بأنه من الأحاديث الصالحة الإسناد، وأخرج أحمد، "9731" وأبو داود "2162" وابن ماجه "1923" بسند صحيح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "ملعون من أتى امرأة في دبرها" وللترمذي "1165" من حديث ابن عباس مرفوعا "لا ينظر الله إلى رجل أتى امرأة في الدبر" وسنده حسن، وصححه ابن حبان "1302" وله شاهد من حديث أبي هريرة عند ابن ماجه "1923" وأخرج الطحاوي 2/ 23، والطبري "4329" بسند صحيح أن ابن عمر سئل عن إتيان المرأة في الدبر؟ فقال: وهل يفعل ذلك أحد من المسلمين؟! وقد اتفق أهل العلم على أن إتيان الرجل امرأته في دبرها حرام، وأن فاعله يعزر إذا كان عالما بالتحريم، فلا ينبغي لمؤمن بالله واليوم الآخر أن يعرج في هذه المسائل على الأقوال الشاذة الضعيفة المخالفة للنصوص الصحيحة الصريحة.
3 هي آلات الملاهي، أخرج البخاري في "صحيحه" 10/ 48، بشرح الفتح تعليقا ووصله غيره بسند صحيح من حديث أبي عامر أبو أبي مالك الأشعري مرفوعا "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الخز والحرير والخمر والمعازف".

الصفحة 9