كتاب تفسير مقاتل بن سليمان - العلمية (اسم الجزء: 2)
صفحة رقم 143
والحجارة ، وكان اخوته لما دلوه في البئر ، تعلق يوسف في شفة البئر ، فعمدوا إليه
فخلصوا قميصه وأوثقوا يده ، فقال : يا إخوتاه ، ردوا على القميص أتوارى به في البئر ،
فقالوا له : ادع الأحد عشر كوكباً والشمس والقمر يؤنسونك ، فلما انتصف في الجب
ألقوه ، حتى وقع في البئر ، فأدلوه في قعرها ، فأراد أن يموت ، فدفع الله عنه ، ودعا يوسف
ربه حين أخرجه مالك أن يهب لمالك ولداً ، فولد له أربعة وعشرون ولداً .
قوله : ( وأسَرُّوهُ بِضَعةً ( ، يعنى أخفوه من أصحابهم الذين مروا على الماء في
الرفقة ، وقالوا : هو بضاعة لأهل الماء نبيعه لهم بمصر ؛ لأنهم لو قالا : إنا وجدناهُ أو
اشتريناه ، سألوهما الشركة فيه ، ) والله عليم بما يعملون ) [ آية : 19 ] ، يعنى بما
يقولون من الكذب .
يوسف : ( 20 ) وشروه بثمن بخس . . . . .
يقول الله تعالى : ( وشروه ( ، يعنى وباعوه ) بثمن بخس ( بثمن حرام لا يحل
لهم بيعه ؛ لأنهُ حُر ، وثمن الحر حرام وبيعه حرام ، ) دراهم معدودة ( ، وهي عشرون
درهماً ، وكانت العرب تبايع بالأقل ، فإذا كانت أربعين فهي أوقية ، وما كان دون
الأربعين ، فهي دراهم معدودة ، ) وكانوا فيه ( ، يعنى الذين باعوه كانوا في يوسف
) من الزاهدين ) [ آية : 20 ] حين باعوه ، ولم يعلموا منزلة يوسف عند الله ، ومن أبوه ،
ولو علموا ذلك ما باعوه .
فانطلق القوم حتى أتوا به مصر ، فبينا هو قريب منها ، إذ مر براكب منها يقال له :
مالك بن دعر اللخمي ، قال له يوسف : أين تريد أيها الراكب ؟ قال : أريد أرض كنعان ،
قال : إذا أتيت كنعان ، فأت الشيخ يعقوب فأقرئه السلام ، وصفني له ، وقل له : إني لقيت
غلاماً بأرض مصر ، ووصفه له ، وهو يقرئك السلام ، فبكي يعقوب ، عليه السلام ، ثم
قال : هل لك إلى الله حاجة ؟ قال : نعم ، عندي امرأة ، وهي من أحب الخلائق إلي ، لم تلد
مني ولداً قط ، فوقع يعقوب ساجداً ، فدعا الله ، فولد له أربعة وعشرون ذكراً ، وكان
يوسف ، عليه السلام ، بأرض مصر ، فأنزل الله عليهم البركة ، ثم باعه المشتري من قطفير
بن ميشا ، فقال يوسف : من يشتري ويبشر ، فاشتراه قطفير بن ميشا بعشرين ديناراً