كتاب تفسير مقاتل بن سليمان - العلمية (اسم الجزء: 2)
صفحة رقم 153
سديك ، ) فَسئلَهُ مَا بَالُ النسوةِ ( الخمس ) التي قطعنَ أَيديهن ( ، يعنى حززن
أصابعهن بالسكين ، ) إن ربي بكيدهن ( ، يعنى بقولهن ) عليم ) [ آية : 50 ] حين قلن :
ما يمنعك أن تقضي لها حاجتها ؟ وأراد يوسف ، عليه السلام ، أن يستبين عذره عند الملك
قبل أن يخرج من السجن ، ولو خرج يوسف حين أرسل إليه الملك قبل أن يبرئ نفسه ، لم
يزل متهماً في نفس الملك ، فمن ثم قال : ( قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن إن ربي بكيدهن عليم ( ، فيشهدن أن امرأة العزيز قالت : ( ولقد
راودتُهُ عن نفسيه فاستعصم ) [ يوسف : 32 ] .
يوسف : ( 51 ) قال ما خطبكن . . . . .
فلما سألهن الملك ، ) قال ( لهن : ( ما خطبكن ( ، يعنى ما أمركن ، كقوله : ( فما خطبكم أيها المرسلون ) [ الحجر : 57 ] ، يعنى ما أمركم ، ) إذ راودتن يوسف عن نفسه ( ، وذلك أنهن قلن حين خرج عليهن يوسف من البيت : ما عليك أن تقضي لها
حاجتها ؟ فأبي عليهن ، فرددن على الملك ، ) قُلنَ حَشَ للهِ ( ، يعني معاذ الله ، ) ما علمنا عليه من سوء ( ، يعنى الزنا ، فلما سمعت زليخا قول النسوة ، ) قَالت امرأتُ
العزيز ( عند ذلك ، ) الئن حصحص ( ، يعنى الآن تبين ) الحق أنا راودته عن نفسه وإنه ( يوسف ) لمن الصادقين ) [ آية : 51 ] في قوله .
يوسف : ( 52 ) ذلك ليعلم أني . . . . .
فأتاه الروسل في السجن ، فأخبره بقول النسوة عند الملك ، قال يوسف : ( ذلك ليعلم ( ، يقول : هذا ليعلم سيده ) أني لم أخنه بالغيب ( في أهله ، ولم أخالفه فيهن ،
)( وأن الله لا يهدي كيد الخائنين ) [ آية : 52 ] ، يعنى لا يصلح عمل الزناة ، يقول : يخذلهم ،
فلا يعصمهم من الزنا ، فأتاه الملك ، وهو جبريل ، بالبرهان الذي رأى ، فقال ليوسف : أين
ما هممت به أولاً حين حللت سراويلك وجلست بين رجليها ؟
فلما ذكر الملك ذلك ، قال عند ذلك :
يوسف : ( 53 ) وما أبرئ نفسي . . . . .
) وما أبرئ نفسي ( ، يعنى قلبي من الهم ،
لقد هممت بها ، ) أن النفس ( ، يعني القلب ) لأمارة بالسوء ( للجسد ، يعنى بالإثم ،
ثم استثنى ، فقال : ( إلا ما رحم ربي ( ، يعني إلا ما عصم ربي ، فلا تأمر بالسوء ، ) إن ربي غفور ( لما هم به من المعصية ، ) رحيم ) [ آية : 53 ] به حين عصمه .
يوسف : ( 54 ) وقال الملك ائتوني . . . . .
) وقال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي ( ، يعنى اتخذه ، ) فلما ( أتاه يوسف