كتاب تفسير مقاتل بن سليمان - العلمية (اسم الجزء: 2)

صفحة رقم 171
بعضه إلى بعض ، ويسوقه بتسبيحه إلى الأرض التى أمر الله تعالى أن تمطر فيها ، ثم قال :
( و ( تسبح ) والملئكة ( بزجرته ) من خيفته ( ، يعنى من مخافة الله تعالى ، فميز
بين الملائكة وبين الرعد ، وهما سواء كما ميز بين جبريل وميكائيل في البقرة ، وكما
ميز بين الفاكهة ، وبين النخل والرمان وهما سواء .
ثم قال : ( ويرسل الصوعق ( ، هذا أنزل في أمر عامر ، والأربد بن قيس ، حين أراد
قتل النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، وذلك أن عامر بن الطفيل العامرى دخل على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقال :
أسلم على أن لك المدر ولى الوبر ؟ فقال له النبي ( صلى الله عليه وسلم ) : ' إنما أنت امرؤ من المسلمين ، لك
ما لهم ، وعليك ما عليهم ' ، قال : فلك الوبر ولى المدر ، فقال له النبي ( صلى الله عليه وسلم ) مثل ذلك ، قال :
فلى الأمرين من بعدك ، قال له النبي ( صلى الله عليه وسلم ) مثل قوله الأول : ' لك ما لهم ، وعليك ما
عليهم ' ، فغضب عامر ، فقال : لأملانها عليك خيلاً ، ورجالاً ، ألف أشقر ، عليها ألف
أمرد .
ثم خرج مغضباً ، فلقى ابن عمه أربد بن قيس العامرى ، فقال عامر لأربد : ادخل بنا
على محمد ، فألهيه في الكلام ، وأنا أقتله ، وإن شئت ألهيته بالكلام وقتلته أنت ، قال أربد :
ألهه أنت وأنا أقتله ، فدخلا على النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، فأقبل عامر إلى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) يحدثه وهو ينظر إلى
أربد متى يحمل عليه فيقتله ، ثم طال مجلسه ، فقام عامر وأربد فخرجا ، فقال عامر لأربد :
ما منعك من قتله ؟ قال : كلما أرادت قتله وجدتك تحول بيني وبينه ، وأتى جبريل النبي
( صلى الله عليه وسلم ) ، فأخبره بما أرادا ، فدعا النبي ( صلى الله عليه وسلم ) عليهما ، فقال : ' الهم اكفني عامراً وأربدا ، واهد
بني عامر ' ، فأما أربد ، فأصابته صاعقة فمات ، فذلك قوله تعالى : ( ويرسل الصواعق (
) فيصيب بها من يشآء ( ، يعني أربد بن قيس ، ) وهم يجدلون في الله ( ، يعني
يخاصمون في الله .
وذلك أن عامراً قال للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) : أخبرني عن ربك ، أهو من ذهب ، أو من فضة ، أو من
نحاس ، أو من حديد ، أو ما هو ؟ فهذا القول خصومته ، فأنزل الله تعالى : ( قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ) [ سورة الإخلاص ] ، يقول :
ليس هو من نحاس ولا من غيره ، وسلط الله عليه الطاعون في بيت امرأة من بني سلول ،
فجعل يقول : عامر قتيل بغير سلاح ، غدة كغدة البعير ، وموت في بيت سلولية ، أبرز يا
ملك الموت حتى أقاتلك : فذلك قوله : ( وهو شديد المحال ) [ آية : 13 ] ، يعنى الرب

الصفحة 171