كتاب تفسير مقاتل بن سليمان - العلمية (اسم الجزء: 2)
صفحة رقم 173
تفسير سورة الرعد من آية : [ 17 - 18 ] .
الرعد : ( 17 ) أنزل من السماء . . . . .
ثم ضرب الله تعالى مثل الكفر والإيمان ، ومثل الحق والباطل ، فقال : ( أنزل من السمآء
مآءً فسالت أوديةُ بقدرها ( ، وهذا مثل القرآن الذي علمه المؤمنون ، وتركه الكفار ، فسال
الوادي الكبير على قدر كبره ، منهم من حمل منهم كبيراً ، والوادي الصغير على قدره ،
)( فاحتمل السيل ( ، يعني سيل الماء ، ) زبداً رابياً ( ، يعني عالياً ، ) ومما يوقدون عليه في
النار ( أيضاً ، ) ابتغآء حليةٍ ( ، يعني الذهب ، والفضة .
ثم قال : ( أو متع ( ، يعني المشبه ، والصفر ، والحديد ، والرصاص ، له أيضاً ) زبدُ
مثله ( ، فالسيل زبد لا ينتفع به ، و الحلى والمتاع له أيضاً زبد ، إذا أدخل النار أخرج
خبثه ، ولا ينتفع به ، والذهب والفضة والمتاع ينتفع به ، ومثل الماء مثل القرآن ، وهو الحق ،
ومثل الأودية مثل القلوب ، ومثل السيل مثل الأهواء ، فمثل الماء والحلى والمتاع الذي
ينتفع به مثل الحق الذي في القرآن ، ومثل زبد الماء ، وحيث المتاع الذي لا ينتفع به مثل
الباطل ، فكما ينتفع بالماء ، وما خلص من الحلى ، والمتاع الذي ينتفع به أهله في الدنيا ،
فكذلك الحق ينتفع به أهله في الآخرة ، وكما لا ينتفع بالزبد وخبيث الحلى والمتاع أهله
في الدنيا ، فكذلك الباطل لا ينتفع أهله في الآخرة ، ) كذلك يضرب الله الحق والبطل فأما
الزبد فيذهب جفآءً ( ، يعني يابساً لا ينتفع به الناس كما ينتفع بالسيل ، ) وأما ما ينفع
الناس فيمكث في الأرض ( ، فيستقون ويزرعون عليه وينتفعون به ، يقول : ( كذلك يضرب
الله الأمثال ) [ آية : 17 ] ، يعني الأشباه ، فهذه الثلاثة الأمثال ضربها الله في مثل واحد .
الرعد : ( 18 ) للذين استجابوا لربهم . . . . .
) للذين استجابوا لربهم الحسنى ( ، لهم في الآخرة ، وهي الجنة ، ) والذين لم
يستجيبوا له ( بالإيمان وهم الكفار ، ) لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه ( ،
فقدروا على أن يفتدوا به أنفسهم من العذاب ، ) لافتدوا به أولئك لهم سوء
الحساب ( ، يعني شدة الحساب حين لا يتجاوز عن شئ من ذنوبهم ، ) ومأواهم (