كتاب تفسير مقاتل بن سليمان - العلمية (اسم الجزء: 2)

صفحة رقم 21
ليذكروا بمسيرهم ) ويصدون عن سبيل الله ( ، يقول : ويمنعون أهل مكة عن دين
الإسلام ، ) والله بما يعملون محيط ) [ آية : 47 ] أحاط علمه بأعمالهم .
الأنفال : ( 48 ) وإذ زين لهم . . . . .
) وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس ( ، وذلك
أنه بلغهم أن العير قد نجت ، فأرادوا الرجوع إلى مكة ، فأتاهم إبليس في صورة سراقة بن
مالك بن جشعم الكناني ، من بنى مدلج بن الحارث ، فقال : لا ترجعوا حتى تستأصلوهم ،
فإنكم كثير وعدوكم قليل ، فتأمن عيركم ، ويسير ضعيفكم ، ) وإني جار لكم (
على بنى كنانة ، أنكم لا تمرون بحي منهم إلا أمدكم بالخيل والسلاح والرجال ، فأطاعوه
ومضوا إلى بدر لما أراد الله من هلاكهم ، فلما التقوا نزلت ملائكة ببدر مدداً للمؤمنين ،
عليهم جبريل ، عليه السلام ، ولما رأى إبليس ذلك ، نكص على عقبيه ، يقول : استأخر
وراءه .
فذلك قوله : ( فلما تراءت الفئتان ( فئة المشركين ، ) نكص على عقبيه ( ، يقول :
استأخر وراءه ، أنه لا طاقة له بالملائكة ، فأخذ الحارث بن هشام بيده ، فقال : يا
سراقة ، على هذا الحال تخذلنا ؟ ) وقال ( إبليس : ( إني بريءٌ منكم إني أرى ما لا
ترون ( فقال الحارث : والله ما نرى إلا خفافيش يثرب ، فقال إبليس : ( إني أخاف الله والله شديد العقاب ) [ آية : 48 ] ، وكذب عدوا الله ما كان به الخوف ، ولكن خذلهم
عند الشدة ، فقال الحارث لإبليس وهو في صورة سراقة : فهلا كان هذا أمس ، فدفع
إبليس في صدر الحارث ، فوقع الحارث ، وذهب إبليس هارباً ، فلما انهزم المشركون ،
قالوا : انهزم بالناس سراقة ، وهو بعض الصف ، فلما بلغ سراقة سار إلى مكة ، فقال :
بلغني أنكم تزعمون بأني انهزمت بالناس ، فوالذي يحلف به ما شعرت بمسيركم حتى
بلغني هزيمتكم ، قالوا له : ما أتيتنا يوم كذا وكذا ، فحلف بالله لهم أنه لم يفعل ، فلما
أسلموا علموا أنما ذلك الشيطان .
الأنفال : ( 49 ) إذ يقول المنافقون . . . . .
) إذ يقول المنفقون والذين في قلوبهم مرض ( ، يعنى الكفر ، نزلت في قيس بن
الفاكه ، ولم يتجمع جمع قط منذ يوم كانت الهزيمة أكثر من يوم بدر ، وذلك أن إبليس
جاء بنفسه ، وجاء كل شيطان موكل بالدنيا ، إلا شيطان موكل بآدمي ، وكفر الجن

الصفحة 21