كتاب تفسير مقاتل بن سليمان - العلمية (اسم الجزء: 2)
صفحة رقم 29
الأنفال : ( 70 ) يا أيها النبي . . . . .
وأمر ابني أخيه فأسلما ، ففيهما نزلت : ( يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى ( ، يعنى العباس وابني أخيه : ( إن يعلم الله في قلوبكم خيرا ( ، يعنى إيمانا ،
كقوله : ( لن يؤتيهم الله خيرا ) [ هود : 31 ] ، يعنى إيماناً ، وهذا في هود ، ) يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ( من الفداء ، فوعدهم الله أن يخلف لهم أفضل ما أخذ منهم ،
)( ويغفر لكم ( ذنوبكم ، ) والله غفور ( لما كان منهم من الشرك من ذنوبهم ، ذو
تجاوز ، ) رحيم ) [ آية 701 ] بهم في الإسلام .
الأنفال : ( 71 ) وإن يريدوا خيانتك . . . . .
) وإن يريدوا خيانتك ( ، يعنى الكفر بعد إسلامهم واستحيائك إياهم ، ) فقد خانوا الله من قبل ( ، يقول : فقد كفروا بالله من قبل هذا الذي نزل بهم ببدر ، ) فأمكن ( الله
) منهم ( النبي ، عليه السلام ، يقول : إن خانوا أمكنتك منهم فقتلتهم وأسرتهم كما
فعلت بهم ببدر ، ) والله عليم ( بخلقه ، ) حكيم ) [ آية : 71 ] في أمره ، حكم أن يمكنه
منهم .
فقال العباس بعد ذلك : لقد أعطاني الله خصلتين ، ما من شيء هو أفضل منهما ، أما
أحدهما : فالذهب الذي أخذ منى ، فآتاني الله خيراً منه عشرين عبداً ، وأما الثانية : فتنجيز
موعود الله الصادق ، وهو المغفرة ، فليس أحد أفضل من هذا . ومن كان من أسارى بدر
وليس له فدى ، فإنه يدفع إليه عشرة غلمان يعلمهم الكتاب ، فإذا حذقوا برئ الأسير من
الفداء وكان أهل مكة يكتبون ، وأهل المدينة لا يكتبون ، وكان النبى ( صلى الله عليه وسلم ) قد استشار
أصحابه في أسارى بدر ، فقال عمر بن الخطاب للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) : اقتلهم ، فإنهم رءوس الكفر
وأئمة الضلال ، وقال أبو بكر : لا تقتلهم ، فقد شفي الله الصدور وقتل المشركين
وهزمهم ، فآدهم أنفسهم ، ليكن ما نأخذ منهم في قوة المسلمين وعونا على حرب
المشكرين ، وعسى الله أن يجعلهم أعواناً لأهل الإسلام فيسلموا .
فأعجب النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بقول أبى بكر الصديق ، وكان النبى ( صلى الله عليه وسلم ) رحيماً ، وأبو بكر أيضاً
رحيماً ، وكان عمر ماضياً ، فأخذ النبي ( صلى الله عليه وسلم ) بقول أبى بكر ، ففاداهم ، فأنزل الله عز وجل