كتاب تفسير مقاتل بن سليمان - العلمية (اسم الجزء: 2)

صفحة رقم 54
) إنما الصدقات للفقراء ( الذين لا يسألون الناس ، ) والمساكين ( الذين
يسألون الناس ، ) والعملينَ عليها ( يعطون مما جبوا من الصدقات على قدر ما جبوا من
الصدقات ، وعلى قدر ما شغلوا به أنفسهم عن حاجتهم ، ) والمؤلفة قلوبهم ( يتألفهم
بالصدقة ، يعطيهم منها ، منهم : أبو سفيان وعيينة بن حصن ، وسهل بن عمرو ، وقد
انقطع حتى المؤلفة اليوم ، إلا أن ينزل قوم منزلة أولئك ، فإن أسلموا أعطوا من الصدقات ،
تتألفهم بذلك ليكونوا دعاة إلى الدين ، ) وفي الرقاب ( ، يعنى وفي فك الرقاب ، يعنى
أعطوا المكاتبين ، ) والغارمين ( ، وهو الرجل يصيبه غرم في ماله من غير فساد ولا
معصية ، ) وفي سبيل الله ( ، يعنى في الجهاد ، يعطى على قدر ما يبلغه في غزاته ،
)( وابن السبيل ( ، يعنى المسافر المجتاز وبه حاجة ، يقول : ( فريضة من الله ( لهم
هذه القسمة ؛ لأنهم أهلها ، ) والله عليم ( بأهلها ، ) حكيم ) [ آية : 60 ] حكم
قسمتها .
وقال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) : ' لا تحل الصدقة لمحمد ، ولا لأهله ، ولا تحل الصدقة لغنى ، ولا لذي
مرة سوى ' ، يعنى القوى الصحيح ، وكان المؤلفة قلوبهم ثلاث عشر رجلاً ، منهم : أبو
سفيان بن حرب بن أمية ، والأقرع بن حابس المجاشعي ، وعيينة بن حصن الفزارى ،
وحويطب بن عبد العزى القرشي ، من بنى عامر بن لؤي ، والحارث بن هشام المخزومي ،
وحكيم بن حزام ، من بنى أسد بن عبد العزى ، ومالك بن عوف النضرى ، وصفوان بن
أمية القرشي ، وعبد الرحمن بن يربوع ، وقيس بن عدي السهمي ، وعمرو بن مرداس ،
والعلاء بن الحارث الثقفي ، أعطى كل رجل منهم مائة من الإبل ليرغبهم في الإسلام
ويناصحون الله ورسوله ، غير أنه أعطى عبد الرحمن بن يربوع خمسين من الإبل ، وأعطى
حويطب بن عبد العزى القرشي خمسين من الإبل ، وكان أعطى حكيم بن حزام سبعين
من الإبل ، فقال : يا بني الله ، ما كنت أرى أن أحداً من المسلمين أحق بعطائك منى ،
فزاده النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، فكره ، ثم زاده عشرة ، فكره ، فأتمها له مائة من الإبل ، فقال حكيم : يا
رسول الله ، عطيتك الأولى التي رغبت عنها ، أهي خير أم التي قنعت بها ؟ فقال النبي
( صلى الله عليه وسلم ) : ' الإبل التي رغبت عنها ' ، فقال : والله لا آخذ غيرها ، فأخذ السبعين ، فمات وهو
أكثر قريش مالاً ، فشق على النبي ( صلى الله عليه وسلم ) تلك العطايا ، فقال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) : ' إني لأعطى رجلاً

الصفحة 54