كتاب تفسير مقاتل بن سليمان - العلمية (اسم الجزء: 2)
صفحة رقم 62
الصدقات ( وذلك أن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) أمر الناس بالصدقة وهو يريد غزاة تبوك ، وهى غزاة
العسرة ، فجاء عبد الرحمن بن عوف الزهري بأربعة آلاف درهم ، كل درهم مثقال ، فقال
النبى ( صلى الله عليه وسلم ) : ' أكثرت يا عبد الرحمن بن عوف ، هل تركت لأهلك شيئاً ؟ ' قال : يا رسول الله ، ما لي ثمانية آلاف ، أما أربعة آلاف فأقرضتها ربى ، وأما أربعة آلاف الأخرى
فأمسكتها لنفسي ، فقال له النبى ( صلى الله عليه وسلم ) : ' بارك الله لك فيما أعطيت وفيما أمسكت ' ،
فبارك الله في مال عبد الرحمن ، حتى أنه يوم مات بلغ ثمن ماله لأمرأتيه ثمانين ومائة ألف ،
لكل امرأة تسعون ألفاً .
وجاء عاصم بن عدي الأنصاري ، من بنى عمرو بن عوف بسبعين وسقاً من تمر ،
وهو حمل بعير ، فنثره في الصدقة ، واعتذر إلى النبى ( صلى الله عليه وسلم ) من قلته ، وجاء أبو عقيل بن قيس
الأنصاري ، من بنى عمرو ، بصاع فنثره في الصدقة ، فقال : يا نبي الله ، بت ليلتي أعمل
في النخل أجر بالجرين على صاعين ، فصاع أقرته ربى ، وصاع تركته لأهلي ، فأحببت أن
يكون لي نصيب في الصدقة ، ونفر من المنافقين جلوس ، فمن جاء بشيء كثير ، قالوا :
مراء ، ومن جاء بقليل ، قالوا : كان هذا أفقر إلى ماله ، وقالوا لعبد الرحمن وعاصم : ما
أنفقتم إلا رياء وسمعة وقالوا لأبى عقيل : لقد كان الله ورسوله غنيين عن صاع أبى
عقيل .
فسخروا وضحكوا منهم ، فأنزل الله عز وجل : ( والذين لا يجدونَ إِلا
جُهدَهُم ( ، يعنى أبا عقيل ، ) فيسخرونَ مِنهم ( ، يعنى من المؤمنين ، ) سخر اللهُ مِنهُم ( ،
يعنى سخر الله من المنافقين في الآخرة ، ) ولهم عَذَاب أليم ) [ آية : 79 ] ، يعنى وجيع ،
نظيرها : ( إن تسخروا مِنا فإنا نسخرُ مِنكم ) [ هود : 38 ] يعنى سخر الله من
المنافقين .
التوبة : ( 80 ) استغفر لهم أو . . . . .
) استغفر لهم ( ، يعنى المنافقين ، ) أو لا تستغفر لهم إِن تستغفر لهُم سَبعينَ مَرةً فَلَن
يغفر اللهُ لهم ذلك بأنهم كفروا بِالله ورسُولهُ واللهُ لا يهدي القومَ الفاسقينَ ) [ آية :