كتاب تفسير مقاتل بن سليمان - العلمية (اسم الجزء: 2)
صفحة رقم 69
المنذر ، وأوس بن حزام ، ووديعة بن ثعلبة ، كلهم من الأنصار ، وذلك حين بلغهم أن النبي
( صلى الله عليه وسلم ) قد أقبل راجعاً من غزاة تبوك ، وبلغهم ما أنزل الله عز وجل في المتخلفين ، أوثقوا
أنفسهم هؤلاء الثلاثة إلى سواري المسجد ، وكان النبي ( صلى الله عليه وسلم ) إذا قدم من غزاة صلى في
المسجد ركعتين قبل أن يدخل إلى أهله ، وإذا خرج إلى غزاة صلى ركعتين ، فلما رآهم
موثقين ، سأل عنهم ، قيل : هذا أبو لبابة وأصحابه ، ندموا على التخلف ، وأقسموا ألا
يحلوا أنفسهم حتى يحلهم النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) : ' وأنا أحلف لا أطلق عنهم حتى
أومر ، ولا أعذرهم حتى يعذرهم الله عز وجل ' ، فأنزل الله في أبي لبابة وأصحابه :
( وَءاخرُونَ اعترفُواْ بِذنُوبِهم خَلطُوا عَملاً صَلحاً ( ، يعنى غزوتهم قبل ذلك ، ) وَءاخَرَ
سيئاً ( ، يعنى تخلفهم بغير إذن ، ) عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور ( لتخلفهم ،
)( رحيم ) [ آية : 102 ] بهم .
التوبة : ( 103 ) خذ من أموالهم . . . . .
قال مقاتل : العسى من الله واجب ، فلما نزلت هذه الآية حلهم النبي ، عليه السلام ،
فرجعوا إلى منازلهم ، ثم جاءوا بأموالهم إلى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقالوا : هذه أموالنا التي تخلفنا من
أجلها عنك ، فتصدق بها ، فكره النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أن يأخذها ، فأنزل الله : ( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم ( من تخلفهم ، ) وتزكيهم ( ، يعنى وتصلحهم ) بها وصل عليهم ( ،
يعنى واستغفر لهم ، ) إن صَلواتك سَكَنٌ لَهُم ( ، يعنى إن استغفارك لهم سكن لقلوبهم
وطمأنينة لهم ، ) والله سميع ( لقولهم : خذ أموالنا فتصدق بها ، ) عليم ) [ آية :
103 ] بما قالوا .
التوبة : ( 104 ) ألم يعلموا أن . . . . .
) ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ ( ، يعنى ويقبل ) الصدقات وأن الله هو التواب الرحيم ) [ آية : 104 ] ، فأخذ النبي ( صلى الله عليه وسلم ) من أموالهم التي جاءوا بها
الثلث ، وترك الثلثين ؛ لأن الله عز وجل ، قال : ( خذ من أموالهم ( ، ولم يقل : خذ أموالهم ،
فذلك لم يأخذها كلها ، فتصدق بها عنهم .