كتاب تفسير مقاتل بن سليمان - العلمية (اسم الجزء: 2)
صفحة رقم 71
خالد ، ومجمع بن حارثة ، قالوا : نبني مسجداً نتحدث فيه ونخلوا فيه ، فإذا رجع أبو عامر
الراهب اليهودي من الشام أبو حنظلة غسيل الملائكة ، قلنا له : بنيناه لتكون إمامنا فيه .
فذلك قوله : ( وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل ( ، يعنى أبا عامر الذي كان
يسمى الراهب ؛ لأنه كان يتعبد ويلتمس العلم ، فمات كافراً بقنسرين لدعوة النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ،
وأنهم أتوا النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقالوا : يبعد علينا المشي إلى الصلاة ، فأذن لنا في بناء مسجد ، فأذن
لهم ، ففرغوا منه يوم الجمعة ، فقالوا للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) : من يؤمهم ؟ قال : ' رجل منهم ' فأمر
مجمع بن حارثة أن يؤمهم ، فنزلت هذه الآية ، وحلف مجمع : ما أردنا ببناء المسجد إلا
الخير ، فأنزل الله عز وجل في مجمع : ( وليحلفُنَّ إِن أَردنا إِلا الحُسنَى واللهُ يَشهَدُ إِنَّهُم
لَكَذِبونَ ) [ آية : 107 ] فيما يحلفون .
التوبة : ( 108 ) لا تقم فيه . . . . .
) لا تقم فيه أبدا ( ، يعنى في مسجد المنافقين إلى الصلاة أبداً ، كان النبي [ ( صلى الله عليه وسلم ) ] لا
يصلي فيه ، ولا يمر عليه ، ويأخذ غير ذلك الطريق ، وكان قبل ذلك يصلي فيه ، ثم قال :
( لمسجد ( يعني مسجد قباء ، وهو أول مسجد بني بالمدينة ، ) أسس ( ، يعني
بني ، ) على التقوى من أول يوم ( ، يعنى أول مرة ، ) أحق أن تقوم فيه ( إلى الصلاة ؛
لأنه كان بني من قبل مسجد المنافقين ، ثم قال : ( فيه رجال ( ، يعنى في مسجد قباء ،
)( يحبون أن يتطهروا ( ، من الأحداث والجنابة ، ) والله يحب المطهرين ) [ آية :
108 ] ، نزلت في الأنصار .
فلما نزلت هذه الآية ، انطلق النبي ( صلى الله عليه وسلم ) حتى قام على باب مسجد قباء ، وفيه
المهاجرون والأنصار ، فقال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) لأهل المسجد : ' أمؤمنون أنتم ؟ ' فسكتوا فلم
يجيبوه ، ثم قال ثانية : ' أمؤمنون أنتم ؟ ' ، قال عمر بن الخطاب : نعم ، فقال النبي [ ( صلى الله عليه وسلم ) ] ' أتؤمنون بالقضاء ؟ ' قال عمر : نعم ، فقال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) : ' أتصبرون على البلاء ؟ ' ، قال
عمر : نعم ، فقال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) : ' أتشكرون على الرخاء ؟ ' ، فقال عمر : نعم ، فقال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) :
' أنتم مؤمنون ورب الكعبة ' ، وقال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) للأنصار : ' إن الله عز وجل قد أثنى عليكم
في أمر الطهور ، فماذا تصنعون ؟ ' ، قالوا : نمر الماء على أثر البول والغائط ، فقرأ النبي ( صلى الله عليه وسلم )
هذه الآية : ( فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين ( ، ثم إن مجمع بن