كتاب الطبقات الكبرى ط العلمية (اسم الجزء: 2)
عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: فقدت النبي.
ص. مِنَ اللَّيْلِ فَتَبِعْتُهُ فَإِذَا هُوَ بِالْبَقِيعِ فَقَالَ: [السَّلامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ! أَنْتُمْ لَنَا فَرَطٌ وَإِنَّا بِكُمْ لاحِقُونَ! اللَّهُمَّ لا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُمْ وَلا تَفْتِنَّا بَعْدَهُمْ! قَالَتْ: ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ: وَيْحَهَا لَوْ تَسْتَطِيعُ مَا فَعَلَتْ!] .
[أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَدَنِيُّ. وَأَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ جَمِيعًا عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نمر عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُلَّمَا كَانَ لَيْلَتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْرُجُ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ إِلَى الْبَقِيعِ فَيَقُولُ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ! إِيَّانَا وَإِيَّاكُمْ مَا تُوعَدُونَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لاحِقُونَ! اللَّهُمَّ اغْفِرْ لأَهْلِ بَقِيعِ الْغَرْقَدِ] «1» .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: وَثَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ مَضْجَعِهِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ فَقُلْتُ:
أَيْنَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: أُمِرْتُ أَنْ أَسْتَغْفِرَ لأَهْلِ الْبَقِيعِ. قَالَتْ:
فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَخَرَجَ مَعَهُ مَوْلاهُ أَبُو رَافِعٍ. فَكَانَ أَبُو رَافِعٍ يُحَدِّثُ قَالَ:
اسْتَغْفَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُمْ طَوِيلا ثُمَّ انْصَرَفَ وَجَعَلَ يَقُولُ: يَا أَبَا رَافِعٍ إِنِّي قَدْ خُيِّرْتُ بَيْنَ خَزَائِنِ الدُّنْيَا وَالْخُلْدِ ثُمَّ الْجَنَّةِ وَبَيْنَ لِقَاءِ رَبِّي وَالْجَنَّةِ. فَاخْتَرْتُ لِقَاءَ رَبِّي!] .
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِي مُوَيْهِبَةَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ: يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ إِنِّي قَدْ أُمِرْتُ أَنْ أَسْتَغْفِرَ لأَهْلِ الْبَقِيعِ فَانْطَلِقْ مَعِي! فَخَرَجَ وَخَرَجْتُ مَعَهُ حَتَّى جَاءَ الْبَقِيعَ فَاسْتَغْفَرَ لأَهْلِهِ طَوِيلا ثُمَّ قَالَ: لِيَهْنِئَكُمْ مَا أَصْبَحْتُمْ فِيهِ مِمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ فِيهِ! أَقْبَلَتِ الْفِتَنُ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يَتَّبِعُ بَعْضُهَا بَعْضًا يَتَّبِعُ آخِرُهَا أَوَّلَهَا. الآخِرَةُ شَرٌّ مِنَ الأُولَى! ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ إِنِّي قَدْ أُعْطِيتُ خَزَائِنَ الدُّنْيَا وَالْخُلْدَ ثُمَّ الْجَنَّةَ فَخُيِّرْتُ بَيْنَ ذَلِكَ وبين لقاء ربي والجنة. فقلت: بأبي
__________
(1) انظر: [السنن الكبرى (4/ 79) ، وسنن النسائي، الباب (102) جنائز، وابن السني (585) ، ومشكاة المصابيح (1766) .
الصفحة 157