كتاب الطبقات الكبرى ط العلمية (اسم الجزء: 2)

فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ فَلَمْ يُكَلِّمِ النَّاسَ حَتَّى دَخَلَ على عائشة فتيمم رسول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَهُوَ مُسَجًّى بِبُرْدٍ حِبَرَةٍ. فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ ثُمَّ أَكَبَّ عَلَيْهِ فَقَبَّلَهُ وَبَكَى ثُمَّ قَالَ: بِأَبِي أَنْتَ! وَاللَّهِ لا يَجْمَعُ اللَّهُ عَلَيْكَ مَوْتَتَيْنِ أَبَدًا. أَمَّا الْمُوتَةُ الأُولَى الَّتِي كُتِبَتْ عَلَيْكَ فَقَدْ مِتَّهَا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: لَمَّا انْتَهَى أَبُو بَكْرٍ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مُسَجًّى قَالَ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - والذي نَفْسِي بِيَدِهِ. صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْكَ! ثُمَّ أَكَبَّ عَلَيْهِ فَقَبَّلَهُ وَقَالَ:
طِبْتَ حَيًّا وَمَيِّتًا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ قَالا: قَبَّلَ أَبُو بَكْرٍ بَيْنَ عَيْنَيْهِ. يَعْنِيَانِ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
ذِكْرُ كَلامِ النَّاسِ حِينَ شَكُّوا فِي وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَكَى النَّاسُ فَقَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيبًا فَقَالَ: لا أَسْمَعَنَّ أَحَدًا يَقُولُ: إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ. وَلَكِنَّهُ أُرْسِلَ إِلَيْهِ كَمَا أُرْسِلَ إِلَى مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ فَلَبِثَ عَنْ قَوْمِهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً. وَاللَّهِ إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يَقْطَعَ أَيْدِي رِجَالٍ وَأَرْجُلُهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ مَاتَ.
أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ. أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ. أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالُوا إِنَّمَا عُرِجَ بِرُوحِهِ كَمَا عُرِجَ بِرُوحِ مُوسَى! قَالَ: وَقَامَ عُمَرُ خَطِيبًا يُوعِدُ الْمُنَافِقِينَ. قَالَ وَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَمُتْ وَلَكِنْ إِنَّمَا عُرِجَ بِرُوحِهِ كَمَا عُرِجَ بِرُوحِ مُوسَى. لا يَمُوتُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى يَقْطَعَ أَيْدِي أَقْوَامٍ وَأَلْسِنَتَهُمْ! قَالَ: فَمَا زَالَ عُمَرُ يَتَكَلَّمُ حَتَّى أَزْبَدَ شِدْقَاهُ. قَالَ فَقَالَ الْعَبَّاسُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْسَنُ كَمَا يَأْسَنُ الْبَشَرُ. وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ مَاتَ فَادْفِنُوا صَاحِبَكُمْ. أَيُمِيتُ أَحَدَكُمْ إِمَاتَةً وَيُمِيتُهُ إِمَاتَتَيْنِ؟ هُوَ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ. فَإِنْ كَانَ كَمَا تَقُولُونَ فَلَيْسَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ أَنْ يَبْحَثَ عَنْهُ التُّرَابَ فَيُخْرِجَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. مَا مَاتَ حَتَّى تَرَكَ السَّبِيلَ نَهْجًا وَاضِحًا. أَحَلَّ الْحَلالَ وَحَرَّمَ الْحَرَامَ ونكح وطلق

الصفحة 204