كتاب الطبقات الكبرى ط العلمية (اسم الجزء: 2)

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: كُنْتُ أُجَالِسَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ الْعُذْرِيِّ أَتَعَلَّمَ مِنْهُ نَسَبَ قَوْمِي. فَأَتَاهُ رَجُلٌ جَاهِلٌ يَسْأَلُهُ عَنِ الْمُطَلَّقَةِ وَاحِدَةً ثِنْتَيْنِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا رَجُلٌ وَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا عَلَى كَمْ تَرْجِعُ إِلَى زَوْجِهَا الأَوَّلِ؟ قَالَ: لا أَدْرِي. اذْهَبْ إِلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ. وَأَشَارَ لَهُ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ.
قَالَ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: هَذَا أَقْدَمُ مِنْ سَعِيدٍ بِدَهْرٍ أَخْبَرَنِي أَنَّهُ عَقَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُجَّ عَلَى وَجْهِهِ. فَقُمْتُ فَاتَّبَعْتُ السَّائِلَ حَتَّى سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ فَلَزِمْتُ سَعِيدًا. فَكَانَ هُوَ الْغَالِبُ عَلَى عِلْمِ الْمَدِينَةِ وَالْمُسْتَفْتَى هُوَ وَأَبُو بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ. وَكَانَ مِنَ الْعُلَمَاءِ. وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ بَحْرٌ مِنَ الْبُحُورِ وَعُبَيْدُ الله ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ فَمِثْلُ ذَلِكَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَخَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَالْقَاسِمُ وَسَالِمٌ. فَصَارَتِ الْفَتْوَى إِلَى هَؤُلاءِ وَصَارَتْ مِنْ هَؤُلاءِ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسُلَيْمَانِ بْنِ يَسَارٍ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَلَى كَفٍّ مِنَ الْقَاسِمِ عَنِ الْفَتْوَى إِلا أَنْ لا يَجِدَ بُدًّا. وَكَانَ رِجَالٌ مِنْ أَشْبَاهِهِمْ وَأَسَنَّ مِنْهُمْ مِنْ أَبْنَاءِ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ أَدْرَكْتُ وَمَنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ كَثِيرٌ بِالْمَدِينَةِ يُسْأَلُونَ وَلا يَنْصِبُونَ أَنْفُسَهُمْ هَيْئَةَ مَا صَنَعَ هَؤُلاءِ. وَكَانَ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عِنْدَ النَّاسِ قَدْرٌ كَبِيرٌ عَظِيمٌ لِخِصَالِ وَرَعٍ يَابِسٍ وَنَزَاهَةٍ وَكَلامٍ بِحَقٍّ عِنْدَ السُّلْطَانِ وَغَيْرِهِمْ وَمُجَانَبَةِ السُّلْطَانِ وَعِلْمٍ لا يُشَاكِلُهُ عَلِمُ أَحَدٍ وَرَأْيٍ بَعْدُ صَلِيبٍ وَنِعْمَ الْعَوْنُ الرَّأْي الْجَيِّدُ. وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ سَعِيدِ ابن الْمُسَيِّبِ رَحِمَهُ اللَّهُ مِنْ رَجُلٍ فِيهِ عَزَّةٌ لا تَكَادُ تُرَاجَعُ إِلا إِلَى مَحَكٍّ. مَا اسْتَطَعْتُ أَنْ أُوَاجِهَهُ بِمَسْأَلَةٍ حَتَّى أَقُولَ: قَالَ فُلانٌ كَذَا وَكَذَا وَقَالَ فُلانٌ كَذَا وَكَذَا. فَيُجِيبُ حِينَئِذٍ.
أُخْبِرْتُ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: كُنْتُ أُجَالِسُ ثَعْلَبَةَ بْنَ أَبِي مَالِكٍ قَالَ: فَقَالَ لِي يَوْمًا تُرِيدُ هَذَا؟ قَالَ: قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ: عَلَيْكَ بِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ. قَالَ:
فَجَالَسْتُهُ عَشْرَ سِنِينَ كَيَوْمٍ وَاحِدٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَبِي الرِّجَالِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرحمن ابن خَبَّابٍ قَالَ: أَدْرَكْتُ رِجَالا مِنَ الْمُهَاجِرِينِ وَرِجَالا مِنَ الأَنْصَارِ مِنَ التَّابِعِينَ يُفْتُونَ بِالْبَلَدِ. فَأَمَّا الْمُهَاجِرُونَ فَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وأبو بكر بن عبد الرحمن ابن الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ وَأَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ وأبو سلمة ابن عبد الرحمن وعبيد الله بن عبد الله بْنِ عُتْبَةَ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَالْقَاسِمُ وَسَالِمٌ. وَمِنَ الأَنْصَارِ خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَمَحْمُودُ بْنُ لَبِيدٍ وَعُمَرُ بْنُ خَلْدَةَ الزُّرَقِيُّ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ

الصفحة 292