كتاب شرح ميارة - العلمية (اسم الجزء: 2)

الدخول لأن فساد الهبة إنما حصل بالموت فكان الموهوب بمنزلة مال حدث للموصي بعد وفاته لم يعلم به فلم يقصده بالوصية إذ لم يعلم به وهذان القولان نقلهما صاحب البيان فيمن تصدق بصدقة فلم تحز عنه حتى توفي وكان قد عهد بالثلث وعلل الدخول بعدم الحوز للمتصدق به وعدمه بأن الإبطال إنما حدث بعد الموت فالمصدق به بعد إبطال الصدقة بالموت كمال لم يعلم به الموصي
وكذلك نقل ابن حارث وغيره فيها الخلاف وزاد اللخمي فنقل اختلافا في دخول ما لم يعلم به الموصي من ماله في وصيته ولما اتفق الأصحاب على وجود القولين في الصدقة التي لم تحز حسبما تقدم نقلها عن صاحب البيان افترقوا في الاختيار فمنهم من اختار الدخول ومنهم من اختار عدمه وتأكد عندي القول بالدخول في هذه القضية بما أشرتم إليه من كون الواهب كان مستوليا على تلك الأملاك الموهوبة يستغلها ويمنع الموهوب لهم منها حتى توفي وهذا الفعل مما يوهن الهبة ويصيرها كأن لم تكن
انتهى محل الحاجة منه
والظاهر أن هذا الخلاف الذي ذكروه في دخول الموصى لهم فيما بطل من الهبات يجري فيما بطل من المحبسات ولا فرق بينهما والله أعلم بجامع اختلال شرطهما وهو الحوز واختلاله إما حسا وحكما كما إذا بقي الشيء بيد واهبه أو محبسه حتى مات وإما حكما فقط كما إذا حيز مدة لا تكفي في الحوز فهو كالعدم لأن المعدوم شرعا كالمعدوم حسا
وأما المسألة الأولى فلم أقف فيها الآن على نص والظاهر عدم الدخول لما تقدم أن الإبطال إنما حدث بعد الموت فهو كمال لم يعلم به ولا يجرى في هذه ما عللوا به الدخول من عدم الحوز لأن هذه وصية لا تفتقر لحوز والله سبحانه وتعالى أعلم
وصححت لولد الأولاد والأب للميراث بالمرصاد يعني أنها تصح لولد الولد مع وجود الولد وعن وجود الولد عبر بقوله والأب للميراث بالمرصاد أي يرصد ميراث أبيه الموصي ويرتقبه ابن يونس قال مالك ومن أوصى بثلثه لولد ولده فذلك جائز إذا كانوا غير ورثة ا هـ
واعلم أن الوصية لولد الولد اتسع فيها الكلام واختلفت فيها الأفهام ولم أقف عليها مجموعة في محل واحد من كتب الأحكام فجمعت منها ما حضرني والتقطت منها ما وسعني وهذبته ورتبته فسرني فأقول والله المستعان وعليه الاعتماد والتكلان لا بد من ذكر ما حضرني من فروع المسألة
الأول إذا قال الموصي أوصيت لولد ولدي لمن يزاد أو يولد لولدي فإن وصيته تشمل من كان موجودا يوم موت الموصي من الأحفاد ومن عسى أن يوجد منهم وإن قال لولد ولده ولم يقل ولمن يزاد أو يولد لولده فإن لم يكن
____________________

الصفحة 370