صفة إنفاق أي طلب من الابن فهذه ثلاثة أوجه فيما إذا كان مال الابن عينا إن وجد في التركة لم يحاسب إلا إذا أوصى بالحساب وإن لم يوجد فإن عمر به الأب ذمته لم يحاسب الابن وإن لم يعمرها حوسب
وأما إن كان مال الابن عرضا كأن تترك أمه أثاثا ولباسا وفراشا فيوجد ذلك بعينه في تركة الأب فللورثة الرجوع على الولد بالنفقة إلا إذا أوصى وقال لا تحاسبوه ولم يكتب نفقته فلا إشكال في عدم محاسبته وأما إن لم يوص فيحاسب والفرق بين العين إذا وجدت لا يحاسب وبين العرض فيحاسب أن النفقة من العين سهلة لا كلفة فيها فترك الأخذ منها دليل إرادة التبرع ولا كذلك العرض إذ في بيعه كلفة ولا سيما بعض الناس يأنفون من البيع
وإن لم تكن فيه كلفة فلا دليل في بقائه على إرادة التبرع وإلى هذا الوجه أشار الناظم بقوله وإن لم يكن عرضا وكان عنده البيتين وكذا إن كان مال الابن حيوانا سواء كان عاقلا كالرقيق أو غير عاقل كالأنعام وإلى ذلك أشار بالإطلاق فإن الابن يحاسب بالنفقة أيضا إلا إذا أوصى بعدم محاسبته ولم يكتب عليه نفقة فلا يحاسب إذ ذاك وإلى ذلك أشار بقوله وكالعروض الحيوان مطلقا فيه الرجوع بالذي قد أنفقا
تنبيه لم يذكر الناظم حكم ما إذا لم يوجد العرض في تركة الأب ولم يشهد بعمارة ذمته بثمنه والحكم والله أعلم أن الابن يحاسب بالنفقة من باب أولى مما إذا وجد وانظر هل يصلح أن يحمل
قوله وإن يكن في ماله قد أدخله على العين والعرض معا فيكون الناظم استوفى الأقسام الأربعة المذكورة أول الكلام في تقسيم المسألة والله تعالى أعلم هذا كله فيما قبضه الأب من مال ابنه ودخل بيده
وأما ما كان للابن من مال ولم يقبضه الأب ولا دخل بيده فأشار إليه بقوله وغير مقبوض على الإطلاق كالعرض في الرجوع باتفاق يعني أن الأب إذا أنفق على ابنه وكان للابن إذ ذاك مال ولكنه لم يقبضه الأب ولا دخل يده حتى مات الأب فإن الابن يحاسب بالنفقة كما إذا كان ماله عرضا وقد تقدم أنه يحاسب إلا إذا أوصى بعدم محاسبته وسواء كان هذا المال الذي لم يقبضه الأب عينا أو عرضا وإلى ذلك أشار بالإطلاق
وموت الابن حكمه كموت الأب وقيل في يسر أب حلف وجب لما قدم الكلام على موت الأب تكلم هنا على موت الابن فأخبر أن في المسألة قولين أحدهما أن التفصيل المتقدم في محاسبة الابن وعدم محاسبته يجري هنا أيضا وإليه أشار بقوله كموت الأب أي ينظر إلى مال الابن فإما عين أو عرض وإما أن يوجد في تركة الأب أو لا أجره على ما تقدم
القول الثاني أن الأب إذا كان موسرا فلا نفقة له من مال ابنه إلا إذا حلف أنه أنفق ليرجع لأن من شأن الآباء أن ينفقوا على بنيهم وإن كان لهم مال
قال في المقرب قال محمد ولمالك في سماع ابن القاسم أنه سئل عن الرجل يموت ولده وقد كان للولد مال فتقوم جدته أو أمه تطلب ميراثها في ذلك فيقول الأب قد أنفقت عليه في كذا وكذا أيرى عليه يمينا فقال إن كان رجلا مقلا مأمونا فلا أرى ذلك
____________________