كتاب شرح ميارة - العلمية (اسم الجزء: 2)

في الذي يبيع من ولده الصغير الأرض بعشرة دنانير وهي تساوي مائة فقال إن كانت في يد الأب حتى مات فأراها موروثة ولا أرى للولد إلا العشرة
ا هـ
فانظر إلى قوله فإن صيره في حق ثابت وإلى قوله أو باع منه بثمن قبضه إلى قوله وكان في ذلك محاباة فإنه صريح في ثبوت وجود العوض إلا أن قيمة المصير أكثر من الدين المصير فيه أو قيمة المبيع وقت البيع أكثر من قيمته يوم اشتراه بائعه فلذلك قال وكان فيه محاباة فأطلق المحاباة على ما فيه عوض إلا أنه غير مساو لعوضه وانظر أيضا إلى قوله ببيع الأرض بعشرة وهي تساوي مائة فإنه صريح في وجود عوض في الجملة وهو العشرة مع كون الأرض تساوي مائة ثم قال ابن سلمون إثر ما تقدم متصلا به ما نصه وسئل الفقهاء بقرطبة في رجل باع من أم ولده أو زوجه نصف دار له في صحته وأشهد بالبيع وقبض الثمن ثم توفي فقام أخوه وأثبت عقدا أن أخاه لم يزل ساكنا في الدار إلى أن مات وبعداوة الأخ له وأنه كان يقول لا أورثه شيئا فأجاب أبو محمد بن عتاب إذا ثبت سكناه لهما فذلك يبطل العقد ولا حق لها في الثمن إذ ليس من الإقرار للوارث وإنما قصد هبة الدار لإسقاط الحيازة
وأجاب ابن الحاج ما عقده من ذلك غير جائز ولا نافذ وما ثبت من السكنى مبطل له ومع ذلك فإن عقد البيع لم يتضمن معاينة القبض للثمن وذلك مما يستراب فيه ويظن فيه القصد إلى التوليج والخدعة وبذلك جاءت الرواية عن القاسم سئل مالك عمن أشهد في صحته إني بعت منزلي هذا من امرأتي أو ابني أو ابنتي بمال عظيم ولم ير أحد من الشهود الثمن ولم يزل بيد البائع إلى أن مات فقال لا يجوز هذا ليس بيعا وإنما هو توليج وخدعة ووصية لوارث وكذلك إن ثبت أنه كان توليجا بالشهادة فيبطل باتفاق
وكيفية ثبوت التوليج أن يقول الشهود توسطنا العقد واتفقا جميعا على أن ما عقداه من البيع والتصيير سمعة لا حقيقة له أو يقولوا أقر لنا بذلك المشتري بعد البيع
ا هـ
انظر كيف سمى ما لا عوض فيه توليجا في جواب ابن الحاج وجواب الإمام مالك رضي الله عنه وفي كيفية ثبوت التوليج حيث قال الشهود إن ما عقداه من البيع أو التصيير سمعة لا حقيقة له وعلى كل حال فالمقصود تمليك المشتري في الصورة للشيء المبيع والمصير إما مجانا في التوليج أو ببعض الثمن في المحاباة فذلك أعطوه حكم التبرع وأنه إن حيز صح له وإن لم يحز بطل ورد له ثمنه في المحاباة
قوله وبيع من حابى إلخ يعني أن البيع الذي ظاهره أنه توليج كما تقدمت أمثلته في قول ابن سلمون وسئل الفقهاء بقرطبة إلخ إذا ثبت وصح كونه توليجا لا بيعا حقيقة فإنه يفسخ ويرد وعلى ذلك نبه بالبيت الأول وثبوت ذلك يكون بأحد ثلاثة أشياء الأول أن يقول الشهود توسطنا العقد بين البائع والمشتري واتفقا على أن البيع الذي عقداه في الظاهر إنما هو سمعة لا حقيقة له الثاني أن يقولوا أقر بذلك عندنا المشتري بعد البيع
الثالث أن يقولوا أشهدنا فلان وفلان على شهادتهما بأحد هذين الوجهين كذا نقل الشارح عن طرر ابن عات وعلى ذلك نبه بالبيت الثاني وأشار الناظم للوجه الثاني مما يثبت به التوليج بقوله إما بالإقرار أي من المشتري وأشار للوجه الثالث بقوله أو الإشهاد لهم به واللام في لهم بمعنى على أي عليهم وضمير به للتوليج ويحتمل على بعد أن يكون أشار به
____________________

الصفحة 389