كتاب شرح ميارة - العلمية (اسم الجزء: 2)

الجدار الساتر بين الدارين وشبههما لا يخلو إما أن يكون ملكا لأحد مالكي الدارين أو يكون مشتركا بينهما فإن كان لأحد مالكي الدارين وهدم فإن انهدم بنفسه أو هدمه مالكه خوف سقوطه فإنه لا يجبر على بنائه بل إن شاء بناه وإن شاء ترك بناءه فإن طالبه الجار ببنائه فيقال له إن صاحبه لم يقصد ضررك فإن شئت فاستر على نفسك أو دع وعلى هذا نبه بالبيتين الأولين
وأما إن هدمه مالكه لغير موجب فإنه يقضى عليه وحده ببنائه لظهور قصد إرادة الضرر بالجار إن كان له مال والجدار ملك له كما هو فرض المسألة فإن لم يكن له مال فإنه يؤدب على تعمده لهدم ما يضر بجاره ولا قدرة له على بنائه وإلى ذلك أشار بقوله وعامد للهدم دون مقتضي البيتين وإن كان الجدار مشتركا بين الجارين فهدمه أحدهما فإن هدمه لغير موجب ولا ضرورة تدعوه لهدمه فإنه يلزمه بناؤه لأنه هدم ملكه وملك غيره لغير موجب وإلى ذلك أشار بقوله وإن يكن مشتركا فمن هدم دون ضرورة بناءه التزم وإن هدمه أحد الشريكين فيه لموجب كخوف سقوطه فبناؤه عليهما لكن من غير أن يجبر الممتنع منهما على بنائه فإن اتفقا على بنائه فلا إشكال وإن لم يتفقا وامتنعا أو أحدهما من بنائه فإن تحاكما حكم بينهما بقسمة موضع الحائط المشترك قال في المقصد المحمود وإن سقط جدار رجل أو هدمه خوف سقوطه لم يجبر على إعادته وقيل لجاره استر على نفسك أو دع وإن هدمه لغير ضرورة قضي عليه بإعادته إلا أن يعلم أن لا مال له وإن كان الحائط بينهما فتسقط فأبى أحدهما من الإعادة فإن كان ينقسم قسم وإلا قضي على الآبي منهما بالبناء مع صاحبه قال أحمد بن سعيد يقسم بخيط من أعلاه إلى أسفله إلا أن يتفقا على قسمة عرضه على طوله
وقال عيسى بن دينار يقسم بينهما عرضا يأخذ كل واحد منهما نصفه مما يليه وفي مفيد ابن هشام قال عيسى عن ابن القاسم في الجدار يكون بين الرجلين فيتهدم فيريد أحدهما أن يبنيه ويأبى ذلك صاحبه أنه لا يؤمر ببنائه وإن أحب الآخر أن يستر داره سترها إلا أن يكون الجدار بينهما فيؤخر أن يبني مع صاحبه إذا أراد ذلك قال عيسى يؤمر ولا يجبر على أن يبني معهم بحكم فإن كره قاسمه موضع الجدار فأخذ نصفه مما يليه
قال سحنون واختلف أصحابنا في الحائط بين الرجلين يحتاج إلى الإصلاح أو يتهدم فلا يريد أحدهما الإصلاح ولا البنيان فمنهم من
____________________

الصفحة 415