كتاب شرح ميارة - العلمية (اسم الجزء: 2)

محدث بفتح الدال اسم مفعول وهو من إضافة الصفة للموصوف وما ذكره الناظم هنا مبني على أن الضرر يحاز وفي ذلك خلاف قال ابن سلمون لما ذكر أنه يجب إزالة ضرر دخان الحمام وغبار الأندر ونتن الدباغين قديما كان أو حادثا ما نصه لأن الضرر في مثل هذا لا يستحق بالقدم وإنما حيازة التقادم التي جاء بها الأثر من حاز على خصمه شيئا عشر سنين فهو أحق به في الأموال ولا تكون الحيازة في أفعال الضرر حيازة تقوى بها حجة بل يزيده طول التقادم ظلما وعدوانا
وفي كتاب ابن مزين أن ما كان من الضرر يبقى على حالة واحدة ولا يتزايد كفتح باب على جاره أو كوة أو ما أشبه ذلك فإنه يستحق بما تستحق به الأملاك على من حيزت عليه بخلاف ما يحدث من الكنف والمطاهر والحفر التي يستنقع فيها الماء فإنه لا يستحق بما تستحق به الأملاك من المدة لأن ذلك كلما طال زمنه كثر وزاد ضرره
وفي المتيطية ومن أحدث عليه ضرر من اطلاع أو خروج بمرحاضه قرب جداره أو غير ذلك من الأحداث المضرة وعلم بذلك ولم ينكره ولا اعترض فيه عشرة أعوام ونحوها من غير عذر يمنعه من القيام فيه فلا قيام له بعد هذه المدة هو كالاستحقاق
وهذا هو مذهب ابن القاسم وقاله ابن الهندي وابن العطار ثم حكى المتيطي القول الثاني بالعشرين سنة ثم قال وبالأول القضاء وفي طرر ابن عات وحيازة الضرر على الأقارب والأجنبيين سواء على القول بحيازته ولا يفرق في ذلك بين القرابة والأجنبيين كما فرق بينهما في استحقاق الأملاك بالحيازة قاله ابن زرب في مسائله
ا هـ وقد تلخص مما تقدم أن في حوز الضرر ثلاثة أقوال الأول أنه يحاز بما تحاز به الأملاك وهو الذي في النظم ومثله تقدم عن المتيطي والثاني أنه لا يحاز وبه صرح ابن سلمون كما تقدم عنه
والثالث التفصيل بين الضرر الذي يتزايد فلا يحاز ولا يتزايد فيحاز وهو الذي نقله ابن سلمون عن كتاب ابن مزين ولو أراد الناظم التنصيص على هذه الأقوال لقال وثالث الأقوال في حوز الضرر ما لا يزيد ضره لمن أضر وإنما قلنا إنها تستفاد من هذا البيت لأنه إذا كان القول الثالث أنه يحاز ما لا يزيد ضرره فالأول يحاز مطلقا والثاني مقابله لا يحاز مطلقا
هذا هو الجاري على الطريقة الحاجبية من كون صدر الثالث دليل القول الأول وعجزه دليل الثاني والله أعلم
وقد نقل الشارح هنا عن طرر ابن عات أن ابن رشد قسم ما يحدثه الرجل في ملكه مما يضر بغيره
____________________

الصفحة 422