كتاب شرح ميارة - العلمية (اسم الجزء: 2)

اشترى الأصول وفيها ثمار مأبورة واشترطها المبتاع ثم فسخ البيع فإنه يردها كما تقدم تفصيله في كلام المتيطي لأنه دفع لها حصة من الثمن وليست بخراج يكون للمبتاع بالضمان فإذا عاد إليه ثمنه بجملته فمن حق البائع أن يعود له أصله بثمرته فلا يعترض على الناظم بعدم التحرز منه
قال الشارح وهو ظاهر الثاني قال الحطاب وهذا كله أي كون المشتري لا يرد الغلة إنما هو إذا قبض المشتري المبيع واستغله إما بكراء أو سكنى وأما ما يقع في عصرنا هذا وهو ما عمت به البلوى وذلك أن الشيخ يبيع الدار مثلا بألف دينار وهي تساوي أربعة آلاف أو خمسة ويشترط على المشتري أنه متى جاءه بالثمن ردها إليه ثم يؤاجرها المشتري لبائعها بمائة دينار في كل سنة قبل أن يقبضها المشتري وقبل أن يخليها البائع من أمتعة بل يستمر البائع على سكناها إن كانت محل سكناه أو على وضع يده عليها أو إجارتها ويأخذ منه المشتري الأجرة المسماة في كل سنة فهذا لا يجوز بلا خلاف لأن هذا صريح الربا ولا عبرة بالعقد الذي عقداه في الظاهر لأنه إنما حكم بالغلة للمشتري في البيع الفاسد لانتقال الضمان إليه وهنا لم ينتقل الضمان لبقاء المبيع تحت يد بائعه فلا يحكم له بالغلة بل لو قبض المشتري المبيع وتسلمه بعد أن أخلاه البائع ثم آجره المشتري للبائع على الوجه المتقدم لم يجز لأن ما خرج من اليد وعاد إليها لغو كما هو مقرر في بيوع الآجال وآل الحال إلى صريح الربا وهذا واضح لمن تدبره
والله أعلم ا هـ الحطاب وسمعت والدي رحمه الله يحكي عن بعض من عاصره أنه لا يحكم للمشتري بالغلة في البيع الفاسد إذا كان جاهلا بفساد حال العقد وأما إذا كان عالما بذلك وتعمده فلا غلة له ولم أقف على ذلك منصوصا وظاهر إطلاقاتهم أنه لا فرق بين العالم والجاهل ا هـ
وهذا الذي ذكر أنه عمت به البلوى عندهم كذلك عندنا وأكثر وتجدد الدار في مثل القضية المذكورة يساوي كراؤها خمس أواق في الشهر مثلا ويكتريها بائعها من المشتري منه بعشر أواق أو أكثر وما ذلك إلا ليتوصل البائع لفائدة ماله الذي دفع لبائعها ولا يكفيه في ذلك كراؤها بما تساويه ومن مفاسد ذلك أنه قد يقتضي الأجل ولا يجد ما يدفع للمشتري فيمضي البيع بما سموه بيعا وهو ثلث قيمتها أو أقل فيجتمع على بائعها كثرة ما أعطى في الكراء وقلة الثمن إلى غير ذلك مما يفعله أهل الضرورات والحاجة ولا تجد فيمن يعاملهم في الغالب رأفة ولا رحمة بل قلوبهم كالحجارة أو أشد قسوة وكأنه تقدمت بينهم عداوة قديمة
هذا هو الغالب فيما رأينا فإنا لله وإنا إليه راجعون الثالث إذا مات أحد المتبايعين في بيع الثنيا الجائز قال في التوضيح لما
____________________

الصفحة 8