إذا تكلم في صلاته، أو سلَّم في غير موضعه عمداً بطلت صلاته، وإن كان ناسياً لا تبطل صلاته، وعليه سجود السهو، وإن تكلم جاهلاً بأن الكلام يبطل الصلاة، نظر إن كان قريب العهد بالإسلام لا تبطل صلاته، كالناسي، وإن كان بعيد العهد بطلت صلاته؛ لأنه كان عليه أن يتعلَّم، ولو أكره حتى تكلم، أو أكره حتى فعل فعلاً لا يلائم الصلاة بطلت صلاته؛ لأنه نادر، بخلاف النسيان، فإنه عام هذا كما لو قيل له: إن تطهَّرت بالماء قتلناك، والماء موجود، أو قيل له: إن قمت في الصلاة قتلناك، فصلى بلا وضوء، أو قاعداً تجب عليه الإعادة. وكذلك لو حوَّل رجل وجه المصلي عن القِبلة، فصلى مستدير القِبلة يجب الإعادة، وإن كثر كلام الناسي تبطل صلاته على ظاهر المذهب؛ لأنه يقطع الموالاة، ولأن الاحتراز عن الكثير ممكن، فإن وقع يكون نادراً.
وقال النَّخَعِيُّ، وأبو حنيفة: كلام الناسي يبطل الصلاة.
لنا ما روي عن أبي هريرة، قال: صلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إحدى صلاتي العشاء، فسلم في ركعتين، ثم أتى جذعاً في قِبلة المسجد، فاستند إليه مغضباً، وفي القوم أبو بكر وعمر فهاباه أن يتكلما، وخرج سرعان الناس يقولون: قصرت الصلاة، فقام ذو اليدين، فقال: يا رسول الله قصرت الصلاة، أو نسيت؟ فنظر النبي- صلى الله عليه وسلم- يميناً وشمالاً فقال: "ما يقول ذو اليدين؟ " فقالوا: صدق لم تصلِّ إلا ركعتين، فصلى ركعتين وسلم، ثم كبر، فرفع ثم كبر وسجد، ثم كبر ورفع.