كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 2)

قصر الصلاة، والقوم كانوا يجيبون النبي- صلى الله عليه وسلم- وإجابة النبي- صلى الله عليه وسلم- فرضٌ على من دعاه، وإن كان في الصلاة لا تبطل الصلاة بإجابته لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ} [الأنفال: 24] وبدليل أنك تخاطبه في الصلاة فتقول: سلام عليك أيها النبي، ومثل هذا الخطاب مع غيره يبطل الصلاة.
ولو تكلم بكلام موافق نظمه نظم القرآن مثل إن دق رجل الباب فقال: {ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ} [الحجر: 46]، أو أراد دفع كتاب إلى رجل فقال: {يَا يَحْيَى خُذْ الْكِتَابَ} [مريم: 12] نظر إن لم يكن قصده به قراءة القرآن بطلت صلاته، وإن قصد قراءة القرآن وإعلامه لا تبطل صلاته كما يرفع صوته بالتكبير إعلاماً.
وعند أبي حنيفة: تبطل صلاته، وكذلك لو عطس أو بشَّر بشيء في الصلاة، فحمد الله.
وإن فتح القراءة على إمامه، أو على غير إمامه، أو نبَّه إمامه، أو غير إمامه بذكر من أذكار الله- تعالى- أو رفع صوته بالقراءة إعلاماً لا تبطل صلاته.
وقال أبو حنيفة: إن فتح على غير إمامه بطلت.
ولو قرأ القرآن من المصحف، أو من مكتوب لا تبطل صلاته، سواء كان يحسن عن ظهر القلب، أو لا يحسن.
وعند أبي حنيفة تبطل صلاته.
ولو وقع بصره على شيء فتفكر فيه أو تفكر في مسألة، أو استمع لكلام متكلم لا تبطل صلاته، ولو أنَّ في صلاته أو بكى أو تنحنح، أو نفخ فظهر منه حرفان بطلت صلاته، وإن لم يظهر منه حرفان لا تبطل صلاته، سواء كان بكاؤه لمصيبة الدنيا أو الآخرة.
وعند أبي حنيفة إن بكى لمصيبة الدنيا تبطل صلاته، والتبسُّمُ لا يبطل الصلاة، والقهقهة تبطلها، فإن سبق الكلام إلى لسانه من غير قصد أو غلب عليه الضحك، أو غلب عليه السُّعال لا تبطل صلاته.

الصفحة 160