كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 2)

الاحتراز عن العمل القليل من تحرُّك أو حكة أو نحوها.
والعمل الكثير يبطل الصلاة، وإن كان سهواً، والمرجع فيه إلى العادة مما يعدّه الناس قليلاً مثل: إشارة بردِّ السلام، أو حملِ صبي، أو وضعه، أو لبس ثوب خفيف، أو نزعِهِ، أو قتل حيَّة بضربة أو ضربتين لا تبطل الصلاة، وكذلك مشيُ خطوتين، أو دفع مارٍّ بين يديه دفعتين لا تبطل صلاته، فإن من ضرب ثلاثاً، أو خطا ثلاث خطوات، أو دفع ثلاث مرات على التَّوَالي بطلت صلاته، وكذلك لو حكَّ ثلاثاً نفسه على التوالي بطلت صلاته، ولو فرق الضَّربات، أو الخطوات بأن ضرب ضربتين ثم بعد زمان ضرب ضربتين لا تبطل صلاته.
قال الشيخ: وحدُّ التفريق عندي أن يكون بين الأوليين والأخريين قدرُ ركعةٍ؛ لحديث أمامة، فإن النبي- صلى الله عليه وسلم- كان يضعها ويحملها في كل ركعة وإن أكل في الصلاة شيئاً عمداً وإن قلَّ بطلت صلاته، كما يبطل به الصوم حتى لو كان بين أسنانه شيء، أو نزلت نُخامة من رأسه، فابتلعها عمداً بطلت صلاته، فإن وصل إلى حلقه، ولم يمكنه إمساكها لم تبطل صلاته وإن أكل ناسياً لا تبطل صلاته فإن كثر بطلت، ولو مضغ علكاً بطلت صلاته، فإن أمسكه في فمه ولم يمضغ، نظر إن كان جديداً يذوب ويتصل إلى جوفه بطلت صلاته، كما لو أمسك في فمه سكرة وإن كان مستعملاً لا تبطل صلاته كما لو أمسك في فمه حصاة أو إجَّاصَة.
أما إذا عمل في الصلاة عملاً ليس منها، ولكنها من جنس أعمالها، مثل أن زاد رُكوعاً أو سجوداً عمداً بطلت صلاته، وإن فعل ناسياً لا تبطل صلاته، وإن زاد على ركعة؛ لأن النبي- صلى الله عليه وسلم- صلّى الظهر خمساً، فسجد للسهو، ولم يُعِدِ الصلاة، ولو كرر قراءة الفاتحة، أو قراءة التشهد لا تبطل صلاته، وعند أبي حنيفة إذا زاد ركوعاً أو سجوداً عمداً لا تبطل صلاته ما لم يكملها ركعةً وإن سكت في الصلاة طويلاً نظر إن كان لغرض بأن نسي شيئاً ليتذكر لا تبطل صلاته وإن كان لغير غرض ففيه وجهان.

الصفحة 163