كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 2)

والاحتياط ألا ينام إلا بعد الوتر؛ لما روي عن أبي هريرة قال: أوصاني خليلي- صلى الله عليه وسلم- بثلاث لأدعُهُنَّ حتى أموت: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام.
فإذا كان الرجل قد اعتاد قيام الليل فيؤخر الوتر.
روي عن جابر قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل".
وعن عائشة قالت: من كل الليل أوتر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من أوَّل الليل، وأوسطه، وآخره، فانتهى وتره إلى السَّحر.
وإذا أوتر ونام، ثم قام للصلاة لا يعيد الوتر وقيل: يصلي ركعة حتى يصير ما مضى شفعاً يسمى ذلك نقض الوتر، ثم يصلي ما شاء، ثم يوتر ثانياً، يروي ذلك عن ابن عمر، وبه قال إسحاق.
ولا يحسب التراويح، ولا الوتر قبل صلاة العشاء، فلو صلَّى فرض العشاء على أنه متطهر، ثم أحدث فتوضأ، ثم أوتر، ثم ظهر أنه كان محدثاً في فرض العشاء يجب عليه إعادة صلاة العشاء، ويعيد الوتر بعدها، كما لو طاف وسعى، ثم بان أنه كان محدثاً في الطواف يجب عليه إعادة الطَّواف، والسَّعي جميعاً، ويستحب أن يقرأ في الوتر ما روي عن عائشة أنها سئلت بأي شيء كان يوتر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قالت: كان يقرأ في الأول {سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى}، وفي الثانية بـ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، وفي الثالثة بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} والمعوذتين.

الصفحة 236