كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 2)

رجل وحضرت الجماعة لا يشتغل بالتحية، بل يصلي الفرض معهم، وتحصل به التحية، ولا يقعد وإن كان المؤذن في الإقامة، ولو دخل المسجد، فصلى فريضة أو سُنَّة، أو قضى ورداً حصلت تحيَّة المسجد، سواء نواها أو لم ينوها، ولو نوى التحية مع الفرض لا يضرُّ، كما لو كبَّر وقصد به إعلام الناس، ولو صلَّى على جنازة أو سجد لتلاوة أو شُكر لا يحصل به تحية المسجد.
فصلٌ
إذا فاتته سُنَّة من هذه السنن الرواتب، هل تقضي؟ فيه قولان، وكذلك صلاة العيد، وصلاة الضحى إذا فاتت هل تقضي؟ فيه قولان:
أحدهما: لا تقضي؛ لأنها صلاة نفل كصلاة الخسوف والاستسقاء لا تقضى بعد الانجلاء.
والثاني: وهو المذهب أنها تقضى؛ لأنها صلاة راتبة في وقت كالفرائض، وليس كالخسوف والاستسقاء؛ لأنها غير راتبة، وإنما تفعل لعارض، وقد زال العارض.
وعند أبي حنيفة: لا تقضى إلا ركعتا الفجر إذا فاتتا مع الفرض، فإن قلنا: تقضى، فالمذهب أنه يجوز قضاؤها أبداً في أي وقت كان، ونقل المُزنيّ أنه لا تقضى الوتر بعد ما صلّى صلاة الصُّبح، ولا ركعتي الفجر بعد أن يقام الظهر.
اختلف أصحابنا فيه: منهم من قال: هذا قول الشافعي أنه لا يقضى الوتر بعد صلاة الصبح؛ لأنه تبعٌ للعشاء، فلا تجعل تبعاً للصبح، ولا يقضي ركعتي الفجر بعد صلاة الظُّهر؛ لأنها تبع للصبح، فعلى هذا الاعتبار بدخول وقت الصبح والظهر أم بفعل الصلاة؟ فيه وجهان.
ومن أصحابنا من قال وهو المذهب: يجوز قضاؤها في جميع الأوقات، والشافعي لم يقل: ولو فاتته ركعتا الفجر حتى صلّى الظهر، بل قال: حتى أقام الظهر، وكذلك قال: لو فاته الوتر حتى يقام الصبح لم يقض، وأراد بهذا إذا أقيم لصلاة الوقت لا يشتغل بقضاء ما فات من ركعتي الفجر والوتر، بل يصلي صلاة الوقت، ثم يقضي ما فاته، وكذلك جميع الصلوات إذا أقيم لها لا يشتغل بسنّتها، بل يصلِّي الفرض، ثم بعده يصلّي السُّنَّة وهو قول أكثر أهل العلم؛ لما روي عن أبي هريرة أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة

الصفحة 240