كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 2)

الإمام في التشهد الأخير يكبّر ويقعد للتشهد معه، ويصير مدركاً لفضيلة الجماعة، وقد ورد أخبار في فضل التكبيرة الأولى.
روي عن أنس قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "من صلى أربعين يوماً في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كُتب له براءتان: براءة من النار، وبراءة من النفاق".
اختلفوا فيما يصير مدركاً للتكبيرة الأولى؛ منهم من قال: يدرك الركوع مع الإمام ومنهم من قال: لا يكون مدركاً حتى يدرك شيئاً من القيام.
ومن حضر بعد فراغ الإمام من الصلاة يستحب لبعض من صلى مع الإمام أن يقوم، فيصلي معه ليحصل له الجماعة؛ لما روي عن أبي سعيد الخُدري أن رجلاً جاء وقد صلى النبي- صلى الله عليه وسلم- فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه" فقام رجل وصلى معه.
والأولى للإمام ألا ينتظر أحداً في الصلاة حتى تكون صلاته خالصة لله- تعالى- فلو أحسَّ بداخل فانتظره، نظر إن انتظره في قيام أو سجود لا يجوز؛ لأنه لا فائدة له في ذلك الانتظار. وإن انتظره في الركوع قال في موضع: لا ينتظر، وقال في موضع: لا بأس أن ينتظره، فحصل قولان، وكذلك إذا انتظره في التشهد الأخير فيه وجهان:
أحدهما: لا يجوز أن ينتظره حتى تكون خالصة لله- عز وجل- لا يدخلها تشريك.
والثاني: يجوز؛ لأن الجماعة لحصول الفضيلة، فيجوز الانتظار فيها لفضيلة تحصل للمأموم، ففي الركوع ينتظر ليحصل للمأموم إدراك الركعة، وفي التشهد الأخير ينتظر

الصفحة 258