كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 2)

فلان مما يطيل بنا، فما رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في موعظة أشد غضباً منه يومئذٍ، ثم قال: "إنَّ منكم منفرين، فأيكم ما صلى بالناس فليتجوَّز، فإن فيهم الضعيف والكبير وذا الحاجة".
وإذا رضي القوم بالتطويل يجوز أن يطوّل، وإن رضي بعضهم دون بعض فليخفِّف؛ مراعاةً لحق الضعيف.
باب صلاة الإمام قاعداً بقيام
روي عن عائشة أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أمر أبا بكر أن يصلي بالناس، فوجد النبي- صلى الله عليه وسلم- خفَّة فجاء فقعد إلى جنب أبي بكر فأمَّ النبي- صلى الله عليه وسلم- أبا بكر وهو قاعد وأَمَّ أبو بكر الناس وهو قائمٌ.
إذا مرض الإمام الرَّاتب، أو حدث به عذر يستحب أن يستخلف في الإمامة قادراً، كما استخلف رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أبا بكر في مرضه، فلو صلى بهم قاعداً يجوز، وهم يصلون خلفه قياماً عندنا، وعند أكثر [الفقهاء].
وقال مالك: لا يجوز اقتداء القائم بالقاعد.
وقال أحمد، وإسحاق: إذا صلى الإمام قاعداً، فالقوم يقعدون خلفه؛ لما روي عن أنس أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: "إنما جُعِل الإمام ليؤتمَّ به، فإذا كبر فكبِّروا وإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا لك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً أجمعون.

الصفحة 260