كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 2)

بالمسافر، واقتداء من غسل الرجلين بمن مسح على الخُف، واقتداء المتوضئ بالتيمِّم، والمتوضئ وغاسل الرجل أولى بالإمامة.
وقيل: المقيم أولى من المسافر.
ولو اجتمع جماعة من العراة فصلّوا جماعة يجوز، ويقف إمامهم وسطهم ليكون أستر قال في القديم: الأولى أن يُصلُّوا فرادى، ولو كان فيهم لابس، فهو أولى بالإمامة، ويقف قدامهم، فلو تقدم عارٍ، واقتدى به اللابس يجوز.
وعند أبي حنيفة لا يجوز.
ولو اقتدى طاهر بِسَلِسِ البول، أو اقتدت طاهرت بمستحاضةٍ فيه وجهان:
أصحهما: يجوز، كما لو اقتدى رجل على ثوبه نجاسة عفوة، أو اقتدى بمن استنجى بالحجر.
والثاني: لا يجوز، وبه قال أبو حنيفة؛ لأن صلاة الإمام صلاة ضرورة، ولو اقتدى بمربوط على خشبة يصلي بالإيماء إن قلنا: عليه الإعادة لا يصحّ الاقتداء به.
وإن قلنا: لا يجب عليه فيصح كالمريض بالإيماء، ولو صلّى خلف جُنُب أو مُحدث أو خلف مَن على ثوبه نجاسة غير معفوة، وهو عالم بحال الإمام لا تصحّ صلاته، وإن اقتدى به، وهو غير عالم بحاله، فلما فرغ علم، لا تجب عليه الإعادة، سواء كان الإمام عالماً بحالة يتعمَّد الإمامة، أو كان جاهلاً، هذا قول أكثر أهل العلم؛ لما روي عن عمر بن الخطَّاب- رضي الله عنه- أنه صلَّى بالناس، ثم رأى على ثوبه أثر احتلام، فاغتسل وأعاد الصَّلاة، ولم يأمر القوم بالإعادة.
وقال حمَّاد، وأبو حنيفة: تجب الإعادة، وروي ذلك عن عليٍّ- رضي الله عنه-.
وقال مالك: إن كان الإمام عالماً بحدِثِهِ، فتعمَّد الإمامة لا تصح صلاة القوم خلفه.
وتكره إمامة من يلحن في القراءة، ثم ينظر إن كان لحناً لا يحيل المعنى بأن نصب الدَّال من "الحمد" ورفع الهاء من "لله" صحّـ صلاته، وصلاة من اقتدى به.
وإن كان لحناً يحيل المعنى، أو يعطّله، نظر إن كان يطاوعه لسانه، ويمكنه التعلم لا تصح صلاته، ولا صلاة من خَلفه، كما لو تكلم في صلاته، وإن كان في الفاتحة، فصلاة من هو في مثل حاله خلفه صحيحة، ومن لم يكن في مثل حاله وإن كان لا يطاوعه لسانه فصلاته صحيحة، ثم كان ذلك في غير الفاتحة فصلاة القوم خلفه صحيحة فاقتداؤه به كاقتداء

الصفحة 266