كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 2)

خلف الخنثى، فالخنثى يتخلف عن الرجل؛ لاحتمال أنه امرأة، ويتقدم على المرأة؛ لاحتمال أنه رجلٌ.
ولو كان خلفه جماعة من الرجال والنساء والصبيان، يقف الرجال خلف الإمام، ثم الصبيان ثم النِّسوان؛ لقوله عليه السلام: "ليليني منكم أولو الأحلام والنُّهَى".
وروي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "خير صفوف الرِّجال أولها، وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها، وشرُّها أولها".
فلو وقف صبي في صف الرجال، ثم دخل رجل لا ينحِّيه، ولو وقفت امرأة يؤخرها الرجل إذا دخل، ولو وقفت المرأة بجنب إمام الرجال، أو اقتدت به يكره، ولكن تصح صلاته.
وقال أبو حنيفة: إذا اجتمعا في الرُّكوع بطلت صلاة الإمام والقوم جميعاً، ولو وقفت في صف الرجال، واقتدت به قال: تصح صلاة الإمام، وصلاة من أمامها وصلاتها، وتبطل صلاة رجل عن يمينها ورجل عن يسارها.
وقال في صلاة الجنازة: لا تبطل صلاة أحد، والدليل عليه ما روي عن عائشة قالت: كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يصلي صلاته من الليل، وأنا معترضة بينه وبين القِبلة كاعتراض الجنازة.
فإذا كان نوم المرأة بين يدي المصلي لا تبطل صلاته، فوقوفها بجنبه مصلّية أولى ألّا تبطل صلاته، ولو تقدَّم المأموم على الإمام فيه قولان:
أصحهما: وهو قوله في الجديد- لا تصح صلاة المأموم، لأن هذه المخالفة أبلغ من المخالفة في الأفعال.
وقال في القديم، وبه قال مالك: تصح صلاته؛ لأنه ليس فيه أكثر من أن المأموم أقرب إلى الكعبة من الإمام، وذلك لا يمنع جواز الصلاة، كما لو وقفوا مستديرين بالكعبة يجوز وإن كان بعض المأمومين أقرب إلى الكعبة من الإمام، قلنا: لأن ثمَّ لم يتقدم المأموم

الصفحة 278