كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 2)

والسُّنة للقوم أن يصلوا الصفوف ويتموا الصف الأول، ويقفوا بقرب الإمام، ويختاروا يمين الإمام؛ لما روي عن جابر بن سمرة قال: خرج علينا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال: "ألا تصفُّون كما تصُف الملائكة عند ربِّها" قلنا: يا رسول الله، وكيف تصف الملائكة عند ربها؟ قال: "يتمُّون الصفوف الأولى ويتراصُّون في الصف".
وروي عن البراء عن النبي- صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول"، ويروى "إن الله وملائكته يصلون على مَيَامِنِ الصفوف".
فإن تباعدت الصفوف، أو بعُد الصف الأول عن الإمام، نظر إن كانوا جميعاً في مسجد واحد، صحت صلاتهم مع الإمام، وإن بعدوا عن الإمام أو اختلف بهم للبناء، وكان بين الإمام والمأمومين حائلٌ بأن كنا الإمام في صُفَّة المسجد، والقوم في صحنه، أو على سطحه، أو في بيت المسجد، أو على المنارة، والمنارة في المسجد، أو كان القوم في الصحن، والإمام في البيت، أو على السطح، تصح صلاتهم إذا علموا صلاة الإمام؛ لأن جميع المسجد موضع الصلاة، وقد جمع الكل.
وإن كان بين الإمام والمأموم نهرٌ في المسجد، نظر إن حفر النهر بعد بناء المسجد، فالنهر مسجد لا يمنع الاقتداء، وإن حفر قبله فهما مسجدان غير متصلين، فلا تصح صلاة المأموم حتى يتصل الصف من أحدهما بالثاني، وإن كانوا في غير المسجد، نظر إن كانوا في فضاءٍ مملوك أو موات، فإن كان بين المأموم أو بينه وبين الصف الآخر ثلثمائة ذراع. وأقل،

الصفحة 281