كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 2)

بحيث لا يكون بينهما موقف رجل، فإن كانت الفُرجة بينهما يسيرة بحيث لا تسع لموقف رجل لا يمنع الاقتداء، ثم كل من وقف في الصفة على ثلثمائة ذراع تصح صلاتهم، تبعاً لمن حصل به الاتصال.
ولو وقف في الصُّفة رجل، أو جماعة قدَّام من حصل به الاتصال، واقتدى بالإمام في الصحن لا يجوز، وإن كان خلف الإمام؛ لأن صلاة من في الصفة إنما تصح تبعاً لمن حصل به الاتصال، فلا يجوز أن يتقدّم عليه، وإن وقف خلفه من حصل به الاتصال يجوز، حتى فرَّع القاضي رحمه الله قال: لو كبَّر من في الصُّفة بعد تكبير الإمام، وقبل أن يكبر من حصل به الاتصال لا تصح.
قال الشيخ: لأن المبادرة بالتكبير أبلغ في المخالفة من التقدم في الوقوف، وإن كانت الصُّفة التي وقف فيها المأموم وراء الإمام، فيشترط أن يقف رجلٌ أو صف في آخر الصحن متصلاً بالصُّفة، وصفّ في أول الصفة، بحيث لا يكون بينهم وبين مَن في الصحن أكثر مما يكون بين الصفين من ذراعين أو ثلاثة أذرع، وهو قدر إمكان السجود، ثم لو كان في الصفة بيت، ووقف بعضهم في البيت يشترط اتصال الصف من الصُّفة بالبيت، وهو أن يقف رجل في الصفة، ورجل في البيت متصلين بالعتبة، وإن كانت العتبة عريضة تسع لموقف رجل، فلا يحصل الاتصال حتى يقف عليها رجل متصل برجل في الصُّفة، ولا يشترط اتصال صف البيت والصفة بالواقفين بجنب العتبة.
ولو وقف بعضهم على سطح، أو على طرف صُفَّة مرتفعة، والإمام في الصَّحن، نظر إن كان ارتفاعه بحيث لا يحاذي رأس من في الصحن رجل مِن على السطح لم يصح اقتداء مَن على السطح به، وإن كان حضيضاً بحيث يُحاذي رأس من في الصحن رجل من على السطح جاز إذا حصل الاتصال، وهو أن يقف رجل على طرف السطح، ورجل في الصحن متصلاً به، وحكم المدارس والخانات والرِّباطات حكم الدُّور.
وذكر العراقيون من أصحابنا أن اختلاف البناء لا يمنع الاقتداء في شيء، كما في المساجد، إلا أن يكون بينهما حائل يمنع الاستطراق والمشاهدة، فإن كان بينهما حائل يمنع الاستطراق دون المشاهدة كالشباك، ففيه وجهان:
أحدهما: لا يجوز للحائل الذي يمنع الاستطراق.

الصفحة 283