كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 2)

ولأن السن فضيلة في نفسه، والنَّسب في آبائه.
وقال في القديم النسب أولى؛ لقول النبي- صلى الله عليه وسلم: "الأئمة من قريش"، وقال: "قدموا قريشاً".
وإن استويا في السن والنسب، ولكن أحدهما أقدم إسلاماً، فهو أولى من الآخر، فإن كان الآخر أسنّ وأنسب، ففيه قولان:
أحدهما: الذي أبوه أقدم إسلاماً أولى، كما لو أسلما بأنفسهما.
والثاني: الأسنّ والأنسب أولى؛ لأنه فضيلة في ذاته، ثم بعد هذه الخصال يقدم من فيه زيادة فضيلة من نظافة الثوب، وطيب الصناعة، وحسن الصوت، وحسن الوجه ونحوهما، وإذا اجتمع هؤلاء، والسُّلطان أو نائبه حاضر، فهو ومن قدمه أولى من غيره، وإن كانت هذه الخصال في غيره، كان ابن عمر يصلي خلف الحجاج.
وإذا اجتمع مع إمام المسجد، فإمام المسجد أولى، كان لابن عمر مولىً يصلي في مسجد، فحضر فقدمه مولاه فقال ابن عمر: أنت أحقُّ بالإمامة في مسجدك.
وإذا اجتمع هؤلاء في دار إنسان، فصاحب الدَّار أولى بالإمامة منهم.
قال ابن مسعود: من السُّنة ألا يؤمَّهم إلا صاحب البيت، ويعني بصاحب الدار ساكن الدَّار، سواء كان يسكنها بإجارة أو عارية حُرّاً كان أو عبداً، حتى لو اجتمع مالك الدَّار مع المستأجر، أو المستعير، فالمستأجر والمستعير أولى بأن يتقدّم، أو يقدم من شاء، ولا يتقدم غيره بغير إذنه، فإن كان يسكنها عبد وسيده حاضر، فالسيد أولى.
وإن كان العبد مأذوناً في التجارة، فإن كان العبد مع غير السيد، فالعبد أولى، وإن كان الدار للكاتب وسيِّده حاضر، فالمُكاتب أولى، وإن كانت الدار مشتركة بين رجُلين، فإن كان أحدهما حاضراً فهو أولى، وإن كانا حاضرين لا يتقدم غيرهما إلا بإذنهما، ولا يتقدم أحدهما إلا بإذن الآخر، وإن كان أحدهما حاضراً، والمستعير من الآخر فهو كحضورهما.
وإذا كان السُّلطان أو نائبه حاضراً، أو الحاكم، فهو أولى من صاحب البيت بالتقدم

الصفحة 287