كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 2)

والثاني: وهو المذهب لا يصير مقيماً، وله القصر في أيام مقصده، كما في الانصراف؛ لما روي عن أنس قال: خرجنا مع النبي- صلى الله عليه وسلم- من "المدينة" إلى "مكة"، فكان يصلي ركعتين ركعتين حتى رجعنا إلى "المدينة" قيل له: أقمتم بـ "مكة" شيئاً؟ قال أقمنا بها عشراً.
فلا فرق على ظاهر المذهب بعد ما نوى مسافة القصر بين أن يدخل مقصده إذا لم يُرد إقامة أربع، وبين أن يدخل بلداً على طريقه، فإن كان في عزمه أن يقيم في مقصده أربعة أيام، فبدخوله يصير مقيماً.
وإن لم يكن في عزمه إقامة أربع، فجاوز أربعاً، ففيه أقوال ستأتي إن شاء الله عزَّ وجلَّ.
وإن نوى الخروج إلى مسافة القصر، فقبل أن يدخل مقصده نوى أن يجاوزه إلى بلد آخر، فلا يصير مقيماً بدخول مقصده الأول، فله أن يقصر فيه؛ لأنه بناء سفر على سفر. وإن نوى المُجاوزة بعد دخول مقصده، فقد صار مقيماً بدخول مقصده، فلا يجوز له القصر حتى يخرج عن مقصده الأول، ويشترط أن يكون بين مقصده الأول والثاني مسافة القصر.
وإذا سافر العبد بسير المولى، أو المرأة بسير الزوج، ولم يعرفا مقصد المولى والزوج لا يجوز لهما القصر.
ولو نوى العبد أو المرأة مسافة القصر، فلا عبرة بنيتهما؛ لأنهما تحت أمر المولى والزوج، فلو عرفا مقصد المولى والزوج إلى مسافة القصر، جاز لهما القصر، فإن نوى المولى والزوج الإقامة لا يثبت حكم الإقامة للعبد والمرأة.
قال أبو حنيفة: للعبد أن يترخص تبعاً للسيد، وإن لم يعرف مقصده، وبإقامته يصير مقيماً، وكذلك المرأة مع الزوج.

الصفحة 302