كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 2)

إذا ثبت أن الأربع مدة الإقامة، فهل يحسب يوم الدخول، أو يوم الخروج؟ ففيه وجهان:
أحدهما: يحسب، كما في مسح الخُفّ يحسب يوم الحدث ويوم نزع الخفّ.
والثاني: وهو الأصح- لا يحسب حتى لو دخل البلد يوم السَّبت أول النهار، وعزم على أن يخرج يوم الأربعاء آخر النهار، لا يصير مقيماً؛ لأن العادة أن المسافر لا يداوم على مسير جميع النهار، إنما يسير في كلِّ يوم بعضه، فهو في يومي الدخول والخروج سائر في بعض النهار، فلم يُحسب في مدة الإقامة.
روي أن النبي- صلى الله عليه وسلم- دخل "مكة" عام حجّة الوداع يوم الأحد، وخرج يوم الخميس إلى "منى" كل ذلك يقصر.
ولو نوى المسافر إقامة أربعة أيام في غير موضع الإقامة في مفازةٍ أو سفينة هل يصير مقيماً؟ فيه قولان:
أظهرهما: يصير مقيماً؛ لأنه نوى الإقامة.
والثاني: لا يصير مقيماً؛ لأنه ليس موضع الإقامة، وكذلك لو نوى إقامة أربعة أيام على حرب، فعلى قولين:
أصحهما: لا يقصر كالأمن، وليست هذه المسألة أن يقيم على حرب، على أنه متى انقضى خرج في قول لا يقصر.
والثاني: له أن يقصر؛ لأن الإقامة في الحرب ليست إليه، وأصله أن الاعتبار بالنيَّة، أو بالموضع، وهذا بناءً على ما لو دخل المسافر بلداً له به أهل ومال وعادته المقام- مجتازاً هل يصير بدخوله مقيماً؟ فيه قولان:
أحدهما: يصير مقيماً لأنه موضع إقامته.
والثاني: لا لأنه لم ينو الإقامة، فإن قلنا: يصير مقيماً لا يجوز له القصر ما لم يخرج عن هذا البلد، ويقصد مسافة القصر، إن قلنا هناك: يصير مقيماً؛ لأنه موضع إقامته، فها هنا لا يصير مقيماً؛ لأنه ليس موضع الإقامة.
وإن قلنا: لا يصير مقيماً لعدم النيَّة، فها هنا يصير مقيماً لوجود النيَّة.
ولو دخل بلداً على أنه يخرج في يومين أو ثلاثة، وزاد مقامه على أربعة أيام من غير

الصفحة 304