كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 2)

فصلٌ
لا يجوز للمسافر أن يقصر الصلاة حتى ينوي القصر حالة الشروع في الصلاة، فلو أطلق النية لزمه الإتمام.
وعند أبي حنيفة: لا يحتاج إلى نيَّة القصر؛ لأن القصر عنده عزيمة، فلو شرع في الصلاة بنيَّة القصر، ثم نوى الإتمام، أو ردَّد النية بين أن يُتم، أو يقصر، أو نوى الإقامة، أو كان في سفينة، فاتصلت السفينة ببلد الإقامة لزمه الإتمام، وإن كان قبل السلام بلحظة؛ لأن العبادة إذا اشترك فيها السفر والحضر يغلب حكم الحضر؛ لأنه الأصل، كما لو شرع في الصلاة مقيماً فجرت السفينة، لم يجز له القصر.
ولو شكَّ في نية القصر لزمه الإتمام، وإن تذكر في الحال قبل إحداث فعل أنه نوى القصر؛ لأن حالة الشك كحالة عدم النيَّة.
وإذا تأدّى جزء من الصلاة على التمام لزمه الإتمام، وكذلك لو شك أنه ابتدأ الصلاة مقيماً، أو في السفر يجب الإتمام.
ولو شرع في الصلاة بنيَّة القصر، ثم أفسدها، له أن يقصرها، ولو شرع فيها بنية الإتمام [أو] مطلقاً، أو اقتدى بمقيم، ثم أفسدها لم يجز له أن يقصرها بعده؛ لأنه التزم الإتمام بالشروع الأول.
وكذلك لو شرع مقيم في الصلاة فأفسدها، ثم خرج إلى السفر لم يجز قصرها ولو شرع بنية الإتمام، أو اقتدى بمقيم، أو متمٍّ، ثم بان أنه كان محدثاً لم يلزمه الإتمام؛ لأن الشروع لم يكن صحيحاً.
ولو شرع في الصلاة بنيَّة القصر، ثم قام إلى الثالثة ساهياً، ثم تذكر يجب أن يعود، ويسجد للسهو، ويسلّم، فلو نوى الإتمام، عليه أن يقعد، ثم يقوم.
وقيل: له أن يمضي قائماً، فلو صلى على السهو ركعتين، ثم تذكر فبدا له أن يُتمّ

الصفحة 307