كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 2)

يجب، عليه أن يصلّي ركعتين أخريين، ولو قام إلى الثالثة عامداً قبل أن ينوي الإتمام أو الإقامة، بطلت صلاته.
ولو اقتدى مسافر بمقيم، أو مسافر متمّ لحظة، لزمه الإتمام، ولو اقتدى بمن لم يدر أنه مقيم أو مسافر، فقال: إن كان مسافراً قاصراً قصرت، وإلا أتممت، فبان الإمام مسافراً قاصراً، لزمه الإتمام؛ لأنه كان شاكاً في كونه مسافراً، والأصل هو الإقامة.
وبمثله لو اقتدى بمن علمه مسافراً، لكنه شك في نيَّته، فعلّق نيته على نيته، فقال: إن قصر قصرت، وإن أتم أتممت، جاز، فإن قصر إمامه جاز له أن يقصر معه؛ لأن الظاهر أن المسافر يقصر، ولا يمكنه الوقوف على حقيقة نيَّته، فجاز التعليق عليها، فلو أحدث الإمام وخرج، فإن أخبره أني كنت نويت القصر، فله أن يقصر، وإن لم يخبره، وشكّ في حاله، لزمه الإتمام؛ لأنه شاكٌ في جواز الرُّخصة.
ولو قام هذا الإمام إلى الثالثة، نظر إن علم المأموم أنه نوى الإتمام، عليه الإتمام، وإن علم أنه ساهٍ، وقل ما يعرف إلا أن يكون الإمام حنفياً لا يرى الإتمام، فلا إتمام عليه، بل إن شاء خرج عن متابعته، وسجد للسهو وسلّم، وإن شاء انتظره حتى يعود.
وإن شك في حاله أنه قام ساهياً أو متمّاً، عليه الإتمام، وإن بان ساهياً، وليس له أن يخرج عن متابعته، فيقصر؛ لأن قيامه في أحد المحتملين للإتمام، ويتقوى هذا الجانب بأن الأصل عدم السهو.
ولو افتتح الصلاة خلف مسافر قاصر بنيَّة القصر، ثم شك في نية إمامه، فله أن يقصر إذا قصر إمامه؛ لأن هذا الشك لو اقترن بالشروع لم يمنع القصر، وبمثله لو شك أن إمامه مقيم، أو مسافر، لزمه الإتمام، وإن بان مسافراً، ولو اقتدى بمتمًّ، أو بمن شك في سفره، فبان الإمام محدثاً، لزمه الإتمام، وإن كان إمامه مسافراً قد نوى القصر؛ لأنه التزم الإتمام بالاقتداء به، وإن اقتدى بمن علمه مسافراً، فبان مقيماً محدثاً، نظر إن بان كونه مقيماً، أو لزمه الإتمام وإن بان كونه محدثاً أو لا، أو بانا معاً لم يلزمه الإتمام؛ لأن اقتداءه به لم يصح، ولأنه اعتقده مقيماً فلم يلزمه حُكم صلاته.
ولو اقتدى بمن علمه مسافراً، ثم فسدت صلاته، أو صلاة إمامه بحدث أو غيره، ثم بان أنه كان مقيماً، عليه الإتمام، لأن اقتداءه به كان صحيحاً، ولو اقتدى مسافر بمقيم، ونوى القصر تنعقد صلاته، وتلغو نيَّة القصر، بخلاف المقيم إذا شرع في الصلاة بنيَّة القصر لا تنعقد صلاته؛ لأن المقيم ليس من أهل القصر، والمسافر من أهله، إنما لزمه الإتمام

الصفحة 308