كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 2)

والثاني: وهو الأصح- لا يجب؛ لأن سقوط القيام عن العاجز عزيمة، وعمن زال عقله رخصة، ولا رخصة للعاصي.
فصلٌ: في الجمع بين الصلاتين
روي عن ابن عباس قال: كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يجمع بين صلاة الظهر والعصر إذا كنا على ظهر سير، ويجمع بين المغرب والعشاء.
يجوز الجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء في السفر الطويل يروى ذلك عن ابن عمر، وابن عباس، وهو قول عطاء، وطاوس، ومجاهد، وبه قال أحمد، وإسحاق.
وقال النخعي، وأبو حنيفة: لا يجوز الجمع بحال إلا في الحج يجمع بين الظهر والعصر بـ "عرفات" وبين المغرب والعشاء بـ "مزدلفة"، والحديث حُجة لمن أجازه، ولا يجوز في السفر القصير على ظاهر المذهب، ولا يجوز الجمع بين العشاء والصبح، ولا بين الصبح والظهر، ولا بين العصر والمغرب، وفي الجمع هو مخير، إن شاء قدم العصر إلى وقت الظهر، فجمع بينهما في وقت الظهر، وإن شاء أخَّر الظهر إلى وقت العصر، يجمع بينهما في وقت العصر، وكذلك المغرب مع العشاء إذا بقي المسافر في منزل يوماً أو يومين أو ثلاثة، فله الجمع، ولكن الأفضل أني صلي الصلوات في أوقاتها، فإن كان سائراً، فالمستحبُّ أن يفعل كما فعل الرسول- صلى الله عليه وسلم-.
روي عن معاذ بن جبل أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان في غزاة "تبوك" إذا زاغت الشمس قبل أن يرتحل جمع بين الظهر والعصر، وارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخَّر الظهر حتى ينزل العصر، وفي المغرب مثل ذلك إن غابت الشمس قبل أن يرتحل جمع بين المغرب والعشاء.

الصفحة 313