كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 2)

قال مالك: أرى ذلك في مطر.
يجوز الجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء بعذر المطر في السفر والحضر جميعاً في وقت الأولى، وهل يجوز في وقت الثانية؟ فيه قولان:
في القديم: يجوز كما في السفر. وفي الجديد: لا يجوز، بخلاف السفر؛ لأن استدامة السفر إليه، واستدامة المطر ليس إليه، فربما تمسك السماء قبل دخول وقت الثانية.
فإن قلنا: يجوز التأخير فلو أمسكت السماء قبل وقت العصر، لا يجوز الجمع فيصلي الظهر في آخر وقته كالمسافر إذا أخَّر بنية الجمع، ثم أقام قبل دخول وقت العصر، ويشترط وجود المطر عن افتتاح الصلاة الأولى، وعند الفراغ منها وفي افتتاح الثانية، فلو انقطع في خلال إحدى الصلاتين، وبعد الفراغ من الثانية لم يضر، ولو كان منقطعاً حالة التسليم من الأولى، أو انقطع بعد الفراغ من الأولى قبل الشروع في الثانية لم يجز الجمع.
وفرَّع القاضي الإمام على هذا فقال: لو قال الرجل بعد الفراغ من الصلاة الأولى: أنظر هل أمسكت السماء؟ بطل الجمع؛ لأنه شك في سبب الجمع، وإنما يجوز هذا الجمع في مساجد الجماعات التي ينتابها الناس من بعد، فيشق عليهم المشي في المطر، ويشترط أن يكون المطر، بحيث يبُلّ الثياب، فإن كان لا يبُلّ الثياب، فلا يجوز.
وإن كان المسجد في كنٍّ لا يتأذى بالمطر إذا حضره، أو صلى في بيته منفرداً أو جماعة، أو صلَّت النساء في بيوتهن، هل يجوز الجمع؟ فيه وجهان:
أحدهما: يجوز؛ لأن الرخصة بسبب المطر، وهو موجود.
والثاني: وهو الأصح- لا يجوز؛ لأنهم لم يلحقهم الأذى، ولا يجوز الجمع بغير المطر من الوحل، والريح، والظلمة، والبرد، [والمرض] ونحوها، والسفان مطر وزيادة، ولا يجوز بعذر الثلج؛ لأنه يبل الثياب إلا أن يكون رخواً ذائباً فهو كالمطر.
وجوز الجمع بعُذر المطر جماعة من السلف يروى ذلك عن ابن عمر، وفعله عروة وسعيد بن المسيب، وعمر بن عبد العزيز، وهو قول مالك، وأحمد.

الصفحة 318