كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 2)

وقال الأوزاعي: تنعقد بثلاث.
وقال ربيعة: باثني عشر.
ودار الإقامة شرط، فكل قرية اجتمع فيها أربعون من أهل الكمال، وهو أن يكونوا أحراراً، عاقلين، بالغين، ذكوراً، مستطونين لا يظعنون عنها شتاءً ولا صيفاً إلا ظعنَ حاجةٍ، يجب عليهم إقامة الجمعة كما تجب على أهل المصر الجامع ثم إن كانوا لا يسمعون نداء البلد يجب عليهم إقامة الجمعة فيها، وإن كانوا يسمعونه فهم بالخيار بين أن يحضروا البلد للجمعة، وبين أن يقيموها في قريتهم، وإذا حضروا البلد لا يكمل بهم العدد؛ لأنهم في حُكم المسافرين.
وإن كانوا أهل خيام وأخبية اجتمعوا في موضع لا يجوز لهم إقامة الجمعة هناك؛ لأنهم غير مستوطنين، فإن الشتاء إذا جاء أحوجهم إلى الظعن، وحكمهم حكم جماعة من المسافرين نزلوا على طرف بلد، ونووا إقامة أربع.
وكذلك أهل البلد لا يجوز لهم أن يخرجوا إلى الصحراء، فيجتمعوا، وإذا انهدم أبنية البلد، وأقام أهله على عمارته، فحضرت الجمعة لزمهم إقامتها؛ لأنهم في موضع الاستيطان.
وإن كانوا أهل خيام وخباء لزموا عين ماء لا يظعنون عنها في صيف ولا شتاء، هل عليهم إقامة الجمعة هناك؟ فيه وجهان:
أحدهما: بلى؛ لأنهم مستوطنون.
والثاني: لا يجوز وهم كالقسم الأول؛ لأن أبنيتهم ليست أبنية المقيمين.
أما أهل الدواليب والأسراب الذين توطَّنوا، فكأهل القرى، وكل قرية لم يكن فيها أربعون من أهل الكمال، وإن كانوا أكثر عدداً ممن ليس من أهل الكمال لا يجوز لهم إقامة الجمعة فيها، وهل يجب على أهل الكمال منهم حضور البلد، أو حضور موضع الجمعة؟ وكذلك أهل الخيام والمسافرون الذين نزلوا على طرف بلد، ونووا إقامة أربع؟ نظر إن كان لا يبلغهم نداء البلد لا يجب عليهم حضورها، ولكنهم لو حضروها، وصلوا الجمعة سقط الفرض عنهم، وإن كان يبلغهم نداءُ البلد يجب عليهم حضور البلد للجمعة، ولكن لا يكمل بهم عدد الأربعين.
روي عن عبد الله بن عمرو أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: "الجمعة على من سمع النداء".

الصفحة 324