كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 2)

العدد في شيء من الصلاة وإن انفضوا ولم يحضر آخرون، ففيه أقوال:
ذكر في الجديد قولين:
أصحهما: بقاء الأربعين [من أهل الكمال شرطٌ إلى آخر الصلاة كالوقت] فإن انتقص واحد قبل أن يسلم يجب عليه إكمال الظهر.
والثاني: إن بقي معه اثنان حتى تكون صلاته جماعة جاز أن يُتِمّ بهما الجمعة؛ لأن مطلق الجمع ثلاثة.
وقال في القديم: إن بقي معه واحد، له أن يتمّ الجمعة؛ لأن أقل الجمع اثنان وخرج قول أنه يتم الجمعة، وإن بقي وحده، وهو قول أبي يوسف أن العدد شرط حالة الإحرام، وذلك لأنه يمكنه ألا يفتتح بأقل من أربعين، ولا يمكنه حفظهم في خلال الصلاة.
وقال المزني- رحمه الله-: إن انفضوا بعد ما صلى بهم ركعة، له أن يتم الجمعة، وإن بقي واحد، وإن كان في الركعة الأولى أتمها ظهراً، وإن انتقص واحد، وهو قول أبي حنيفة- رحمه الله- في العدد الذي يشترطه، غير أن عند أبي حنيفة أن قيد ركعة بسجدة واحدة أتمها جمعة.
وعند المزني لابدّ من ركعة كاملة، واحتج المزني بأن المسبوق إذا أدرك مع الإمام ركعة أتمها جمعة، فكذلك الإمام إذا صلى مع القوم ركعة أتمها جمعة.
قلنا: لأن جمعة المسبوق تبنى على جمعة كاملة مفروغ عنها، بخلاف جمعة الإمام، وهذا بخلاف ما لو أحدث الإمام في الركعة الثانية، فالقوم يكملون الجمعة وحداناً؛ لأن القوم تبع للإمام، فبعد ذهاب المتبوع جاز للتابع أن يبني صلاته على صلاة المتبوع، والمتبوع لا يبني على صلاة التابع.
قال الشيخ: وهو صاحب الكتاب رحمه الله: والصحيح من هذه الأقوال هو الأول، وهو أن العدد شرط من أول الصلاة إلى آخرها لولا ما قاله المزني.
فصلٌ: في الزحام
إذا ركع المأموم في الجمعة، أو في صلاة أخرى، ثم زحم عن السجود، نظر إن أمكنه أن يسجد على ظهر رجل فعل، وإن لم يفعل حتى رفع الإمام رأسه بطلت صلاته.
روي عن عمر أنه قال: إذا اشتد الزحام فليسجد أحدكم على ظهر أخيه، ولو لم

الصفحة 327