كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 2)

وقال ابن أبي هريرة: تحسب من الظهر، ولا تحسب من الجمعة حتى يكون إدراك الكل من ركعة واحدة، ولا تفريع عليه، بل نقول على الوجهين: إذا صلى هذه الركعة مع الإمام حصلت له ركعة من الجمعة.
أما إذا خالف أمرنا، واشتغل بالسجود، نظر إن نوى الخروج عن متابعة الإمام، فهو كمن خرج عن متابعة الإمام بغير عذر، إن قلنا: لا تبطل صلاته بالخروج عن المتابعة لا تصح جمعته، وهل يصح ظهره؟
فعلى قولين كغير المعذور إذا صلى الظهر قبل فوات الجمعة، هل يصح ظهره؟ قولان: الأصح: لا يصح، فإن قلنا: لا يصح ظهره، هل تبطل صلاته، أم تكون نفلاً؟ فيه قولان.
وإن سجد ولم ينو الخروج عن متابعة الإمام، نظر إن كان عالماً بأن عليه المتابعة، بطلت صلاته، ففي الحال يكبر، ويركع مع الإمام ليدرك ركعة من الجمعة، وإن كان جاهلاً ظن أن فرضه السجود لا تبطل صلاته، ولا يحسب له سجود، فإذا فرغ من السجود، وأدرك الركوع مع الإمام كان مدركاً لركعة، وأي الركوعين يكون محسوباً فعلى الوجهين، كما ذكرنا، وإذا فرغ من السجود، والإمام قد سجد في الثانية سجد معه، وحصلت له ركعة ملفقة من ركعتين، فالأصح أن يكون محسوباً من الجمعة، وإن كان الإمام في السجود الثاني سجد معه هذه السجدة، ثم إذا سلم الإمام يسجد سجدة أخرى، وتمت له ركعة من الظهر، فيقوم ويصلي ثلاث ركعات؛ لأنه لم يصلِّ مع الإمام ركعة كاملة، وكذلك إذا فرغ من السجود، وقد سلم الإمام سجد سجدتين، ويضم إليها ثلاث ركعات.
فأما إذا قلنا: يجب عليه أن يشتغل بالسجود، فلا يخلو إما إن كان يسجد، كما أمرناه، أو تابع الإمام، فإن سجد كما أمرناه، فإذا فرغ من السجود، وأدرك الإمام في الركوع من الركعة الثانية، هل يسقط عنه قراءة الفاتحة؟ فعلى وجهين:
الأصح: لا تسقط، وإن كان قد سجد الإمام في الثانية، أو قعد للتشهد، فإنه يقرأ ويشتغل بقضاء ما فاته، ويجري على أثره، وهو مدرك للجمعة يسلم مع الإمام، وإن لم يمكنه السجود في الركعة الأولى حتى يسلم الإمام، أو سجد واحدة قبل تسليمه، وسجد بعده حصلت له ركعة من الظهر؛ لأنه لم يحصل له ركعة كاملة على متابعة الإمام.
وقيل: تحسب من الجمعة؛ لأن هذا السجود يبنى على ركوع أتى به مع الإمام.

الصفحة 329