كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 2)

تكن جمعة القوم موقوفة على الإمام، فإنهم لو أتموا الجمعة فرادى جاز، فلم تحصل له الجمعة.
ثم هذا المسبوق الخليفة تحصل له ركعة من الظهر، ولا يجعل كمن صلى الظهر، قبل فوات الجمعة؛ لأنه لما تقدم صارت الجمعة فائتة في حقه.
فإذا تقدم هذا المسبوق، فأدركه مسبوق، واقتدى به، ونوى الجمعة، فصلى معه ركعة من آخر صلاته كان مدركاً للجمعة على الوجه الذي يقول: يجوز أداء الجمعة خلف من يصلي الظهر؛ لأنه صلى ركعة خلف من يراعي نظم صلاة إمام الجمعة، بخلاف الخليفة يصلي الظهر؛ لأنه لم يصلِّ ركعة مع إمام الجمعة، ولا خلف من يراعي نظم صلاته.
قال الشيخ: وعندي إنما يصلي المسبوق الجمعة إذا أدرك الخليفة في الركعة الأولى التي هي صلاة الإمام.
أما إذا أدرك في الركعة الثانية، أو الثالثة، فلا يصلي الجمعة؛ لأن الجمعة قد فاتت حين تمت صلاة الإمام.
قال الشيخ: ولو أدرك المسبوق في الركوع من الركعة الثانية، فركع وسجد مع الإمام، فلما قعد للتشهد أحدث الإمام، وتقدم المسبوق، له أن يُتمَّ الجمعة؛ لأنه صلى مع الإمام ركعة، ولو أحدث الإمام بعد الخُطبة قبل أن يُحرِم بالصلاة، إن قلنا: لا يجوز الاستخلاف في الصلاة، فها هنا لا يجوز أن يؤمَّ غيره، بل يصلون الظهر؛ لأن الخطبة في الجمعة بمنزلة ركعتين في الصلاة، فلما لم يجز أن يصلي ركعتين خلف إمام آخر، كذلك لا يجوز أن يخطب واحد ويؤم آخر.
وإن جوزنا الاستخلاف في الصلاة، فإن استخلف من سمع الخطبة يجوز، وإن استخلف من لم يسمع لا يجوز، كما في الصلاة لا يجوز استخلاف من لم يدرك الإمام في الصلاة. وكذلك لو خطب رجل، فبادر أربعون ممن سمع الخُطبة، وعقدوا الجمعة قبل الإمام جاز، وإذا فعله من لم يسمع الخطبة لم يجز، فإن لم نجوز وحدث بالخطيب عُذر، وأرادوا الجمعة استأنف الخطبة.
وإذا صلى مع الإمام ركعة من الجمعة، ثم خرج عن متابعته بعذر أو بغير عذر، وقلنا: لا تبطل صلاته يجوز أن يتمها جمعة، كما لو أحدث الإمام، أو أبطل صلاته بعد ما صلى بهم ركعة، جاز لهم أن يتموها جمعة.
فصلٌ
يجوز ترك الجمعة بالعذر، والعذر ما ذكرنا في باب الجماعة.

الصفحة 332